كل يوم يجدد أهلنا في الجولان المحتل عمق انتمائهم لوطنهم الأم سورية، وتشبثهم بأرضهم وهويتهم، ورفضهم محاولات الكيان الصهيوني الباطلة والمستمرة لتهويد الجولان وطمس هويته، وهذا ما تجلى منذ اليوم الأول لاحتلال الجولان من خلال نضال منظم وموقف وطني موحد في التصدي للاحتلال، وقد استشهد العديد منهم خلال مقاومتهم وتصديهم لقوات المحتل الإسرائيلي، فيما اعتقل المئات منهم ليظلوا على موقفهم الرافض للخضوع للاحتلال وإجراءاته العنصرية.
ورغم كل الانتهاكات الصهيونية اليومية بحق أهلنا في الجولان، والممارسات العنصرية بحقهم، إلا أنهم لم يرضخوا يوماً، ولم يستطع الكيان الغاصب فرض أي إجراء عليهم، لشرعنة احتلاله، وتكريس وجوده، ورفضهم القاطع اليوم للمخططات الإسرائيلية المتمثلة بإجراء انتخابات ما يسمى «المجالس المحلية» التي أعلنت سلطات الاحتلال موعدها نهاية الشهر الجاري، وإحراقهم البطاقات الانتخابية ومقاطعة الترشح والانتخاب، وتنفيذهم اعتصاماً مفتوحاً، يأتي استكمالاً لمسيرة كفاحهم المستمر ضد المحتل الصهيوني، ليعيدوا بذلك إلى الأذهان موقفهم المشرف قبل 36 عاماً عندما أعلنوا الإضراب الوطني المفتوح عام 1982 وأحرقوا الهوية المفروضة من سلطات الاحتلال الإسرائيلي عليهم.
حكومة الاحتلال الإسرائيلي، وبعد دعمها للتنظيمات الإرهابية، تحاول استغلال ما يحصل في سورية, وتواطؤ أميركا والغرب الاستعماري مع سياساتها العدوانية, إضافة إلى الدعم غير المسبوق من الأنظمة المستعربة في مشيخات الخليج، للمضي قدماً في سياستها التوسعية, فتتخذ العديد من الإجراءات العنصرية لتغيير الوضع الديموغرافي في الجولان المحتل, واستنزاف موارده الطبيعية, الأمر الذي يؤكد خروج ذاك الكيان على القوانين والأعراف الدولية والقيم الإنسانية, ولكن ذلك لن يفت من عضد أهلنا في الجولان، ولن تستطيع تنفيذ مشروعها على أرض الواقع, فالجولان هو في قلب سورية التي لن تدّخر جهداً, ولن يهدأ لها بال حتى يعود كاملاً إلى حضن وطنه الأم طال الزمن أم قصر.
رهانات حكام العدو وتصريحاتهم المتكررة بأن الكبار من أهل الجولان سيموتون والصغار سينسون, ما هي إلا مجرد أوهام وأضغاث أحلام, فالكبار وإن رحلوا جسداً لكنهم ورثوا حبّ الوطن والأرض لأبنائهم الذين حملوا الأمانة بأعناقهم, ولم تستطع آلة الجبروت الصهيونية إجبارهم على التخلي عن هويتهم الأصلية والقبول «بالهوية والجنسية الإسرائيلية» وما زالوا يسطّرون أروع الصفحات المشرقة في تصديهم لإجراءات الاحتلال العنصرية، وكلهم ثقة اليوم بأن الدماء التي تسيل في معركة الكرامة والسيادة ستكون مشعلاً لتحرير الأرض السورية من نير الاحتلال، كما هي اليوم مشعلاً في تطهيرها من رجس الإرهاب.
ناصر منذر
التاريخ: الأربعاء 24-10-2018
رقم العدد : 16818