الطريق إلى حلب

في رحلة الذهاب إلى حلب، وعلى طريق (أثريا – خناصر) لا تزال روائح الخيانة والإرهاب المجرم تفوح من أماكن كثيرة على المسار الذي بدا هادئاً بتعرّجاته الصاعدة الهابطة،
مختلطة بعطر دماء الشهداء الأبرار الذين ضحّوا بأرواحهم، وبدمائهم الزكية على جانبي هذا الطريق ليسجلوا ملاحم البطولة والفداء، ويحافظوا على أمان الطريق وسلامته.
اليوم على الجانبين لا يزال هناك العديد من السيارات وحافلات النقل والصهاريج والشاحنات المحترقة، وكذلك العديد من المدرعات التي كان يستخدمها الإرهابيون في الهجوم على الطريق، ولكنها مكوّمة كجثثٍ من حديد أكلتها النيران.
وعلى الجانبين أيضاً الكثير من أكوام الحجارة والأتربة التي استخدمها الإرهابيون كمتاريس، كانوا يتلطون خلفها كالوحوش إمعاناً في قطع هذا الشريان الحيوي الوحيد الذي يغذّي مدينة حلب، فاستقتلوا على قطعه، وكانت بالنهاية لهم الهزيمة.
وكذلك على الجانبين حكايات مأساوية لبيوت مهدّمة، وقرى بحالها لا تزال مهجورة، وأراضٍ زراعية خصبة متروكة.
لا يصل الواحد إلى حلب إلا ويشعر أنّ ضجيجاً صاخباً صار يجول في رأسه، ومع الوصول إلى الشهباء تختلط المشاعر، بين الارتياح لعودة المدينة إلى أمنها وأمانها وشيء من حيويتها، وعودتها هي (حلب الشهباء) مدينة الحضارة والعراقة والفن والتاريخ والأدب، مدينة الصناعة والزراعة والتجارة والسياحة، المميزة بثقلها الاقتصادي الكبير، وبين مشاعر الألم والأوجاع لما حلّ ببعض أبنيتها، وأسواقها، ولا سيما تلك الأسواق العريقة القديمة، إنها كالأطلال الدّارسة الموحشة، والتي من دون شك تحتاج إلى المزيد من الأموال والجهود المخلصة والمكثّفة من أجل إعمارها وإعادة تشغيلها.
من هنا تأتي أهمية الزيارة التي يقوم بها رئيس الحكومة اليوم والوزراء إلى حلب، والتي من المأمول أن تعطي جرعاتٍ لا تُثير التفاؤل فقط، بل جرعات شفاء وعلاج، فلا تزال الشهباء تحتاج إلى الكثير من العناية المركّزة، والواقع فإن ما لمسناه من خلال متابعتنا لهذه الزيارة النوعية لرئيس الحكومة إلى حلب تُفضي بأنّ هذه العناية قد بدأت فعلياً، فهناك دلائل تُشير إلى أن جلسة مجلس الوزراء التي عقدت في رحاب الشهباء، ستكون قاعدة انطلاقٍ مختلفة تُعيدُ إلى حلب ذلك الحضور المأمول.
ولكن في واقع الأمر فإن عودة الأسواق القديمة إلى ألقها المعهود، يبدو كالوريد الذي يتوق إليه الجسد الحلبي، كي يخفّف من آلامه، ويمنحه دماء العافية، فتلك الأسواق تتطلّع إلى اهتمام بمنتهى التركيز، لإيجاد طريقة معينة من أجل إعادة إعمارها، وبثّ الحيوية فيها لتعود متلألئة الأضواء.
لن نستطيع – بعد الحماس الحكومي الذي لمسناه، والمدعوم من السماء بأمطار الخير التي تهطل بهدوءٍ على حلب – إلاّ أن نتفاءل بحمولات الدعم القادم إلى هذه المحافظة المباركة، آملين بالفعل بأن ما بعد اجتماع الحكومة فيها، لن تكون حلب كما هي من قبله.

 

 علي محمود جديد
التاريخ: الاثنين 5-11-2018
الرقم: 16828

 

آخر الأخبار
بعد حسم خيارها نحو تعزيز دوره ... هل سيشهد الإنتاج المحلي ثورة حقيقية ..؟  صرف الرواتب الصيفية شهرياً وزيادات مالية تشمل المعلمين في حلب  استجابة لما نشرته"الثورة "  كهرباء سلمية تزور الرهجان  نهج استباقي.. اتجاه كلي نحو  الإنتاج وابتعاد كلي عن الاقتراض الخارجي  الهوية البصرية الجديدة لسوريا .. رمز للانطلاق نحو مستقبل جديد؟ تفعيل مستشفى الأورام في حلب بالتعاون مع تركيا المؤتمر الطبي الدولي لـ"سامز" ينطلق في دمشق غصم تطلق حملة نظافة عامة مبادرة أهلية لحفر بئر لمياه الشرب في معرية بدرعا السيطرة  على حريق ضخم في شارع ابن الرشد بحماة الجفاف يخرج نصف حقول القمح الإكثارية بدرعا من الإنتاج  سوريا نحو الانفتاح والمجد  احتفال الهوية البصرية .. تنظيم رائع وعروض باهرة "مهرجان النصر" ينطلق في الكسوة بمشاركة واسعة.. المولوي: تخفيضات تصل إلى 40 بالمئة "الاقتصاد": قرار استبدال السيارات مزور مجهولون في طرطوس يطلبون من المواطنين إخلاء منازلهم.. والمحافظ يوضح بمشاركة المجتمع الأهلي.. إخماد حريق في قرية الديرون بالشيخ بدر وسط احتفالات جماهيرية واسعة.. إطلاق الهوية البصرية الجديدة لسوريا الشيباني: نرسم ملامحنا بأنفسنا لا بمرايا الآخرين درعا تحتفل .. سماءٌ تشهد.. وأرضٌ تحتفل هذا هو وجه سوريا الجديد هويتنا البصرية عنوان السيادة والكرامة والاستقلال لمستقبل سورية الجديدة