في كتابه «محاورات» الذي يتشاركه مع كلير بارنِت، يذكر جيل دولوز قول بروست: (الكتب الجميلة مكتوبة في نوع من اللغة الأجنبية. فتحت كل كلمة يضع كل منّا معناه أو على الأقل صورته الذهنية التي هي عادةً معنى خاطئ. لكن في الكتب الجميلة تكون كل المعاني الخاطئة التي يصنعها المرء جميلة).
غالباً ينسحب كلام بروست ومقاصد دولوز التي دفعته للاستشهاد به، صوب قراءاتنا للأدب.. بمعنى كون عملية القراءة فاعلة حين تشعباتها التي تُخلق من تصاعد وتيرة تلك القراءات العديدة بتعدد أصحابها.. وهو ما يمنح الأدب حياة جديدة في كل قراءة تتم له.
وتتفجّر شعبٌ من أفكار عبر تلك القراءات الخاطئة.. والخطأ هنا أن لا تكون مطابقة تماماً لمعنى أراده مبدعها.
عملية ولادة لنبع من الأفكار، يمنحنا إياها الأدب تحديداً، والإبداع عموماً.
ووفق دولوز لا يجب البحث إن كانت الفكرة صائبة أو حقيقية، بل يجب البحث عن فكرة أخرى تماماً.. «وهذه الفكرة الأخرى لا يجدها المرء من تلقاء ذاته»..
تلك القراءات التي وصفها بروست بالخاطئة، تثري الفكر، وتحفّز الخيال، وتمنح دفقاً من أفكار.. ولهذا تصبح مفيدة.. وجميلة..
في نقطة تقاطع كل تلك التشعبات الحاصدة لشتى أنواع الأفكار، تتلاقح أفكارنا الذاتية مع تلك الغيرية، مهما اختلف مصدرها.. وتثمر خليطاً ربما اعتبرناه لوهلة ووفق منظورنا الشخصي، جديداً، أقلّه أنه يشتمل على صُبغة «الجديد» لفترة من الزمن.. يكتسي حلّةً وبريقاً يبهرنا للحظات..
أتكون أفكارنا عبارة عن توليفات مما نقرؤه، مهما اختلف مصدره..؟
فهناك قراءة عادية تتولّد من الكتب.. وثمة أفكار تتأتى من قراءة للأشياء والأشخاص وكل ما هو حولنا.
ربما يكون الخاطئ من القراءات سبيلاً للتجريب.. وعلى رأي دولوز «التجريب على أنفسنا هو هويتنا الوحيدة، فرصتنا المنفردة من أجل كل التوليفات التي تسكننا».. وكأننا نطبع نسخاً جديدة على ذات الصفحة الأصلية من أنفسنا.
رؤيـــــــة
لميس علي
lamisali25@yahoo.com
التاريخ: الخميس 22-11-2018
الرقم: 16842