الثقافة.. كانت غائبة..

يشكل ما يظهر السوريون محاولة للاحتماء بالثقافة، من هول ما واجهتهم به الأيام.. هو انطباع يمكن أن يتشكل لدى المتابع للواقع السوري، وظروفه وتطوراته.
عندما تم تحرير تدمر أول مرة، أسرع السوريون لإقامة حفل موسيقي فني بين أوابدها، والدنيا في عز الحرب. ورغم أن الحرب وتطوراتها ومسارها.. ردوا الفرحة غصة في حلوق المحتفلين، إذ سقطت تدمر مرة أخرى.. إلا أن ذلك لم يقمع شعوراً ما، لا أقول: عاماً، بل أقول غالباً أو نسبياً، أن العروض والنشاطات الثقافية السورية يمكن أن يحدث خروقاً مهما كانت متواضعة في غلاف الصدأ الذي أحدثه الإرهاب والحرب على نفوسنا.
عروض فنية.. عروض مسرحية وسينمائية.. إنتاج فني.. معارض كتب.. إلى آخره.. الطابع العام لذلك كله رسالة تقول لكل من أراد خراب هذا البلد: رغم أنوفكم نحن أحياء.
كان التحدي على قدر الممكن.. نهل من معالم الثقافة التي عرفناها لعشرات السنين.. ولم يبدُ علينا التواصل مع فكر ثقافي جديد متمثل بنشاطات تغير عوالم الثقافة التي كانت ولم تمنع الانحدار الثقافي المهين في الانطباع العام عن شخصية السوري.
هو فعل رائع أن تستطيع أن تقدم أي شيء يشعر الشعب بالحياة في ظل الحصار، حتى ولو كان إعادة.. أو اجترار.. أو تقليد.. بما في ذلك القنوات السورية التي دأبت مؤخراً على إعادة بث الدراما السورية ومسلسلاتها التي تألقت على الثقافة العربية المرئية في حقبة من الزمن.. لكن..
الاكتفاء باجترار الماضي سلاح بأكثر من حدين.. ولا بد من طرح المبادرة المبتكرة مهما صغر شأنها..
مثل ذلك ما سمعته من إف إم سورية عن مراكز ثقافية يتم افتتاحها هذه الأيام في السجون.. هذا فعل ثقافي مهم جداً.. وكلما توسع وصدق بأفكاره وتوجهاته.. كلما ازدهر وعظمت نتائجه الإيجابية. التقرير الذي سمعته كان من سجن حمص.. و قد وردت فيه أفكار تستحق الاحترام.. حتى ولو كانت الفكرة ليست مستحدثة بالشكل الكامل.. لكنها في ظل ظروفنا وواقع سجوننا أنا أعتبرها فعلاً ثقافياً قابلاً للتطوير والبناء عليه وتعميمه.
السجون عالم مهيب رهيب.. يحدث تحولات في النفس البشرية ويصبح السجين في بحثه عن الخلاص يستنجد بأي بادرة أمل وجديد.. السجون ليست للعقاب والتحكم والانتقام والعسف وفقط.. هي مجتمعات تشكل بيئة خصبة للثقافة والتحول الفكري والثقافي.. وقد استثمرها كثيرون لم نكن – بكل أسف – في مقدمتهم.. فأرسلت لنا هذه السجون من خريجيها المتدربين لدى المستثمرين فيها من مشايخ الإرهاب وغيرهم.. قادة في الفكر والفعل الإرهابيين ..
اليوم إذ ازداد وسيزيد أكثر عدد المساجين.. فنحن نعاني من متابعات الحرب وما تخربه في العقل والضمير والأخلاق.. ستشكل السجون مسرح عمليات ثقافية حقيقية..
أسعد عبود
as.abboud@gmail.com
التاريخ: الثلاثاء 27-11-2018
رقم العدد : 16846

آخر الأخبار
الرئيس الشرع والبطريرك يازجي ..وحدة السوريين صمام الأمان أمام محاولات التقسيم والتفكيك  "العدل" : عدم فك احتباس الحفارات التي تقوم بحفر آبار  بدون ترخيص   الشيباني مع المحافظين : الاستفادة من الدعم الدولي بما يخدم الأولويات المحلية   الرئيس الشرع يستقبل البطريرك يوحنا العاشر يازجي وتأكيد على الدور الوطني        انفجار المزة ناجم عن عبوة ناسفة مزروعة بداخل سيارة مركونة  المجتمع الأهلي يجهز بئر مياه كويا بدرعا  تحديات بالجملة أمام عودة أكثر من 2,3 مليون سوري عادوا لديارهم  ارتفاع الدولار وحرائق الساحل تنعكس على الأسعار في الأسواق  ريادة الأعمال في قلب التغيير.. النساء دعامة المجتمع خفايا  ثوب الانفصال!   حملة تنظيف لشوارع الصنمين بعد 15 يوماً على تخصيص رقم خاص للشكاوى.. مواطنون لـ"الثورة": عزز الثقة بعمل مديريات محافظة دمشق بسبب الضياع المائي .. شح في مياه الشرب بدرعا معرض دمشق الدولي .. منصة شاملة تجمع التجارة بالصناعة والثقافة عودة بئر "دير بعلبة" للعمل شهر على اختطاف حمزة العمارين.. قلق متصاعد ومطالبات بالكشف عن مصيره الفرق تواصل السيطرة على آخر بؤر حرائق كسب بريف اللاذقية دراسة إعفاء الشاحنات ومركبات النقل من الرسوم  وتفعيل مركز انطلاق السيارات السورية مع لبنان السويداء بين شعارات "حق تقرير المصير" وخطر الارتماء في الحضن الإسرائيلي "معاً نبني سوريتنا" .. لقاء حواري يعيد رسم ملامح التكاتف المجتمعي في سوريا