تعمل وزارة الثقافة دون كلل أو ملل وبجهود تسجل لها من أجل النهوض بالواقع الثقافي في محاوره كافة «الفنون، الأدب، الترجمة، السينما، المسرح، وتخص عالم الطفل بجانب كبير من الاهتمام» إيمانا منها بأن الثقافة تمثل القاعدة الأساس في بناء الإنسان وتحصينه وتشكيل قناعاته، وعلى الخط الموازي لهذا الأمر تسعى لتكريس القيم الإيجابية لدى النشء من خلال تقديم الشخصية الأنموذج مستعيدة تاريخنا الحافل برموز استطاعت أن تترك بصمات هامة في عالم الفكر والاختراع وشكلت علامة فارقة مازالت أصداؤها تملأ الكون.
وجميعنا لاشك بات يؤمن أن حربنا مع العدو كانت حربا ثقافية تستهدف تراثنا وأوابدنا وميراثنا الحضاري، وفي الآن نفسه كانت حربا تستهدف الإنسان في عقيدته وفكره، مايضعنا أمام مواجهة كبيرة تتطلب استعدادات واستراتيجيات منهجية لتحصين عقول أبنائنا وإعادة بناء الإنسان بكل ماتعنيه هذه الكلمة.
والمؤتمر الثقافي الذي نحن بصدده اليوم يطرح عناوين هامة تتوزع على مدى يومين ويشارك فيه عدد من الباحثين والكتاب في محاولة للوقوف عند أهم القضايا التي ظهرت على السطح في عالم بات يعج بالمفارقات وهيمنة وسائل التواصل الحديثة في بث غير مضبوط وتأثير كل ذلك على الإنسان وبنيته الاجتماعية والثقافية وانعكاسه على الواقع سلوكا وقناعات جديدة.
ولكن هل يكفي أن نعد الندوات والحوارات للنهوض بالواقع الثقافي ونحن نرى ذاك العزوف عن حضور هذه الفعاليات مع سابق الإصرار، ولماذا لاتشارك المؤسسات المعنية بالشأن الثقافي أيضا في هكذا مؤتمر «المؤسسات التعليمية، الدينية، الإعلامية وبعض المنتديات الثقافية، والتعليم العالي، والمجتمع الأهلي» ليتحول هذا المؤتمر إلى نقطة انطلاق نحو منهجية جديدة في تقديم المنتج الثقافي الفاعل لكل شرائح المجتمع وعلى امتداد مساحة البلاد جميعها.
فالعمل في الثقافة لم يعد رفاهية أو ضربا من العمل المجاني، بل هو مسؤولية تجاه أجيال خبرت الحرب وأهوالها، ومن الضرورة بمكان العمل على تحصينها وبناء ماتهدم من القيم بتقريب وجهات النظر وتكريس ثقافة الحوار والمناقشات البناءة، مايتطلب وجود استراتيجية تصون للوطن موارده، ماضيه ومستقبله على دروب النصر والبناء.
فاتن دعبول
التاريخ: الثلاثاء 18-12-2018
الرقم: 16863