قبل أقل من ثلاثة أسابيع «19 كانون الأول الماضي» أعلن دونالد ترامب قرار سحب قواته الغازية من سورية، ومنذ تلك اللحظة لم يَهدأ الزلزال الذي هزّ دول تحالف العدوان الذي تقوده واشنطن.
مع مرور الوقت، يوماً بعد آخر، بدأ يتضح أن دول تحالف العدوان دخلت أزمة خيارات سياسية، بل بَدَت مواقفها كما لو أنها تحت حصار مُتعدد الأوجه، مُرتبكة، مَهزوزة، تائهة، تُراوح بين إقدام وإحجام، وبين مُؤيد لا يعرف كيف يُترجم تأييده، وبين مُعارض لا أوراق يُمسكها ولا مُرتكزات تدعم رفضه ومُعارضته!.
من جانب، الوقت يُحاصر الجميع، ذلك أنه فضلاً عن السجالات الساخنة التي تَفجَّرت داخل الإدارة الأميركية، في الكونغرس والبنتاغون، وفضلاً عن الاستقالات التي يُتوقع ألّا تَتَوقف، فقد صار واضحاً أنَّ عواصم دول تحالف العدوان تعمل تحت ضغط عامل الوقت كاستحقاق ينبغي عليها أن تَجد طريقة لتَخريج قرارها بالاستدارة من عَدمها!.
من جانب آخر، الاستحقاقاتُ تُحاصر الجميع أيضاً، فخروج أميركا وانسحابها يُرتب الكثير على مُعسكر أدواتها، وهو في كل الحالات سيَترك الكثير من الآثار والمُنعكسات على الوضع الإقليمي والدولي حتّى، خاصة أن قرار الانسحاب اتُخذ تحت عناوين مُختلفة يُوظفها ترامب ويستخدمها أسوأ استخدام، فتارة يَدّعي أنه ليس مُفاجئاً كما رآه الآخرون في الداخل والخارج – وَعدٌ انتخابي يَفي به – وتارة يُغطي به هزيمة بلاده فَيُقر أن سورية لا ثروات كبيرة فيها، فضلاً عن أنها أرض مَوت لقواته!.
وإذا ما جرى رصد حركة النقاشات الدائرة والتصريحات السياسية المُرافقة، فلا بد من رؤية وتلمس حالة الحصار التي تُكابدها دول تحالف العدوان من واشنطن إلى أنقرة، ومن باريس ولندن – من دون أن ننسى الكيان الصهيوني – إلى الدوحة والرياض، الانقسام واضحٌ وجَلي بين الدول الأعضاء في نادي القارة العجوز، وبين العرب والأعراب الأعضاء في الجامعة التي تقف على بعد خطوة من تأجيل أو عقد قمتها الاقتصادية ببيروت! والسبب المباشر هو الوقوع بأزمة الخيارات، بحضور سورية أم بغيابها تَنعقد؟!.
يَسألُ أحدُهم: سببُ كل ما يحصل من تَحوّل واهتزاز في المواقف، العلاقات، السياسات، الاستراتيجيات، هل هو قرار ترامب بالانسحاب؟ أم شروع سورية – بالتعاون مع حلفائها وأصدقائها – بكتابة آخر فصول انتصارها على المؤامرة والإرهاب والعدوان الكوني؟
وإذ يَستطرد آخر بالسؤال: هل لانتصار سورية أن يُحدث هذه الآثار الزلزالية في الإقليم وعلى مستوى العالم؟ لا بُد لنا من أن نَسأل: ولو لم تكن سورية بهذا الحجم، وتلك الأهمية لجهة الموقع والدور المؤثر، فلماذا إذاً جرى تَحشيد كل قوى الشر وكل حُثالات الأرض ضدها؟ نعم سورية تُحاصر اليوم بانتصارها جميع من حاول مُحاصرتها، وكل من انخرط وشارك بالعدوان والمؤامرة ضدها.
علي نصر الله
التاريخ: الاثنين 7-1-2019
الرقم: 16878