عندما كانت القذائف والتفجيرات تأكل من أجسادنا في سورية..كانت عيون الإعلام الغربي والعربي عوراء لاترى دماءنا وصماء عن صراخ الثكالى بيننا…
في عمر أزمتنا فردت الصفحات الأولى لكبريات الجرائد الغربية لقتلنا وإعلانات موتنا تحت غطاء (حرب أهلية) … هناك في ذاك الزمن الإعلامي كان قلم الكاتب الغربي ينهش الحقيقة بحروفه ويطمسها بحبره ويرمينا بين سطوره أعدادا من الموتى واللاجئين … طالما رفعت أقلام الغرب و الخليج وبعض العرب يد الدمية المعارضة ناصرة قضيتها….ورجمتنا بإشارات التعجب أن كيف للمجتمع الدولي أن يصمت ولايحرك ماتبقى من أدواته… بل وأكثر فردت المقالات لمخالب الدبلوماسية الفرنسية والبريطانية على ورق( الحرية الصحفية) للتهديد والوعيد لسورية بالضربات العسكرية والسياسية ..ووصف حينها الإرهابي (بالجهادي) والتنظيمات المتطرفة بالمعارضة المسلحة …لدرجة أن تصريحات الجولاني والظواهري كانت تنقل في الوكالات الإعلامية باحترام وهيبة وكأن المتحدث يمثل جهة رسمية دبلوماسية…
احدى القنوات أجرت حوارا مع زعيم تنظيم جبهة النصرة وتكتمت بحجة الحرفية والحقوق المحمية للإعلامي بالافصاح عن مكانه، رغم أن نصف جيوش العالم شكلت تحالفا دوليا لمكافحته …
لم يخطر في بال ديمستورا أو حتى بان كيمون أو البنتاغون بالسؤال أين قابلت هذه القناة ماعجز الغرب عن معرفة مصيره حتى الآن … اليوم ينقلب المشهد ويهرب الإعلام الغربي إلى قمم حقيقية بطريقة مبالغ فيها لم نبلغها بعد نحن أصحاب الحدث .. الغرب يعلن نصر دمشق ويحول كرنفال دمائنا السابق الى اعترافات مثيرة بحماقات الساسة الغربيين وافلاس الخليج وانتصار السوريين دون ان يذكر في أخباره خلفيات عن( حرب أهلية) أو (ممارسات قمعية) على العكس باتت أحداث السترات الصفراء في فرنسا ملعبا لقلب اللسان عن دمشق وتحويل ماكرون إلى كاريكاتير يومي يجاور في مكانه خبر نصر سورية …
ترامب وخسارته في سورية هو نقطة الجاذبية لكل الأقلام والكاميرات العالمية ..
توءمت الليفغارو والواشنطن بوست في العنوان : (2018 )عام انتصار دمشق ..صحيفة أخرى قالت إن سورية آخر نقطة لانهيار امبراطورية الفوضى في المنطقة
نقرأ الصحف الغربية وكانها صحفنا المحلية ..ليس المدهش هو ما تقوله من حقيقة…فهي الحقيقة فعلا وان كانت جزئية لكن المدهش في تلك الاخلاقيات المهنية لتلك الجرائد وكل الإعلام الغربي التي تغير مواقفها دون النظر إلى أرشيفها حتى في يوم سابق !!
أحد الصحف الفرنسية قالت بلهجة واثقة بأن الذين تآمروا على سورية اندحروا من السلطة …
هل اندحر الكتاب والإعلاميون من هذه الصحافة أيضا …أم أنها اللعبة انتهت وكما كان الإعلام بوابة للحرب على سورية هو اليوم بوابة العودة والممر الإجباري في عصر تغيرت فيه القواعد الإعلامية لم تعد المقولة ( لانصدق كل نقرأ و نصف مانرى) …نحن بعد كل الذي جرى لن نصدق في الإعلام الغربي والعربي مانرى ومانسمع ….نصدق فقط الميدان …أين ماكان ..فيبدو أن الخبر دائما متهم حتى ينتصر …
عزة شتيوي
التاريخ: الثلاثاء 8-1-2019
الرقم: 16879