مما لاشك فيه أن الإذاعات السورية الرسمية وفي مقدمتها «إذاعة دمشق» تعتبر من أقدم وأعرق الإذاعات العربية, فمنها انطلق عمالقة الغناء العربي (فيروز – ووديع الصافي – وصباح فخري…الخ) وكانت بحق قبلة لمعظم الفنانين فحافظت على أهميتها وتاريخها وكرّست جيلاً مهتماً بالإذاعة وبالدراما الإذاعية وقدمت العشرات من الأعمال الدرامية التي لاتزال محفورة في الأذهان كـ «حكم العدالة» و«ظواهر مدهشة» و«يوميات عائلية»… وغيرهم الكثير.
على مدى عشرات من السنين عَمِلَ الممثل السوري في الإذاعة بكل حب وإخلاص, معتمداً على التدريب المستمر فقدم كل الصــــور المخــتلفة وكل ما يُخفى على المستمع من تعــبيرات وإيماءات وإيحــــاءات يفتقد رؤيتها ولايدركها إلا من خــــلال الأداء الصوتي وفـق صـــــفات لابد أن تـــتوفر فيه كالقدرة على الخـــيال, وصدق الإحساس, والصوت الجميل.
ولابد من التأكيد أن للدراما الإذاعية هدفا وطنيا وإنسانيا واضحا من خلال ماقدمته من برامج لافتة في مضمونها فكانت قريبة من قلوب معظم المستمعين وخصوصاً في السبعينيات.
ولأن للدراما الإذاعية تاريخا عريقا وجيلا عتيقا, مازلنا نتعلم منه وقد تربينا على ماقدموه نذكر منهم: حكمت محسن وتيسير السعدي وأنور البابا وفهد كعيكاتي وعبد السلام أبو الشامات ورفيق سبيعي وبسام لطفي وسليم صبري ورضوان عقيلي… كان لابد من لفتة طيبة أقامتها وزارة الإعلام حيث كرّمت من خلال ورشة (الدراما الإذاعية سبعون عاماً من العطاء) رواد الدراما الإذاعية السورية ممن كانت لهم بصمة في تاريخ الدراما الإذاعية وفي ذاكرة السوريين عبر أعمال إذاعية تناولت قضايا اجتماعية وإنسانية ووطنية.. ومن جانب آخر أتاحت الفرصة لطرح معاناتهم ومشكلاتهم وإيجاد السبل لمعالجتها وآليات تطوير هذا الفن المهم الذي كان إحدى ركائز إذاعة دمشق وخرج أجيالاً من المبدعين..
وقد خلصت الورشة التي كرمت على مسرح مكتبة الأسد بدمشق كلاً من الفنانين: «دريد لحام وسعيد عبد السلام ورياض نحاس وأميمة طاهر وبسام لطفي وسليم صبري ورضوان عقيلي وصالح الحايك وهدى شعراوي وثراء دبسي ومروان قنوع ومظهر الحكيم ومحمد عنقا ومازن لطفي», وكتاب الدراما: «نهلة السوسو ومروان الخاطر والدكتور طالب عمران وعبد الرحمن محمود وأحمد السيد» إلى مجموعة من التوصيات وهي «النص الإذاعي والإخراج الإذاعي والقراءة والنقد والتمثيل والأداء» واعتماد يوم الـ 10 من كانون الثاني من كل عام يوما للدراما الإذاعية السورية, وحجز مساحات عبر أثير الإذاعات المحلية لبث الدراما الإذاعية ورفدها بنصوص مميزة من خلال تشجيع الكتاب ماديا ومعنويا وتقييمها فكريا ودراميا من قبل خبراء متخصصين.
كما أوصت بتدريس الدراما الإذاعية في المعهد العالي للفنون المسرحية وفي كل الاختصاصات وإقامة دورات تدريبية للعاملين في الدراما الإذاعية والتنسيق مع دائرة الموسيقا لإنتاج موسيقا خاصة بها بالإضافة للاستفادة من الخبرات المتراكمة لرواد الدراما الإذاعية.
المكرمون والعاملون في الإذاعة أكدوا على أهمية الورشة التي استمرت لمدة يومين وكانت غنية بمحتواها وتوصياتها, مشددين على دعم وزارة الإعلام اللامحدود للدراما الإذاعية فقد اعادت حسب رأيهم الألق القديم وروح الأصالة التي تحلت بها الإذاعة على مدى عشرات السنين.
عمار النعمة
ammaralnameh@hotmail.com
التاريخ: الثلاثاء 15-1-2019
رقم العدد : 16883