فيافي الكوثر

و تظمئ الرُّوح إلى لفظ كلمة الكوثر
تظمئ إلى اسمه إن علا , وتماوج الريحان من فيض حسنه , من فيض وجده , من فيض الرُّوح إذ تشتاق وهج ذكره
إلى بعض من عذب ماؤه , عذب الينابيع التي تتبع من حيث صخوره ,
و فيافي تتبع له في لحن القول الكوثري ّ
تظمئ الرُّوح إلى بعض أناشيده , و بعض مما يحملُ دهشة الترابِ
دهشة الشيء المنتظر , وهل يكتمل القمر في حلمه الجميل ؟
هل تلدُ النجمات إشراقة ليس لها مثيل ؟
كنتُ أتخيل ذاك الشيء عندما ألفظُ اسم كوثر , ذات مرة قلتُ : و ما أجمل أن يدقُّ على أبوابنا ذلك الكوثر , بعظمته , بفصاحة جماله و بلاغة كلامه
ما أجمل قمره عندما يمزحه الأيام بذاك الضوء المنير
تظمئ الرُّوح إلى شاغل أمره , إلى ماء ينسابُ من صخره
إلى حكايات منطوقة من سابق عهوده
حيث التصوير القدسيّ لوقته ..
و السؤال البلاغي الذي يسألُ :
و هل من كوثرٍ ما ينتظر أيّامنا ؟
ينتظر أن يُعربش على جدران أوقاتنا ؟
وهل من «كوثرٍ ما « شهده عالق بأثواب الزمان والمكان ؟
بوحه يُقادم السنين من الألفيّة الأولى حتى الأخيرة
يُقارب مدائن زهرها , حيث عطر التاريخ , و روايات أخرى , ربّما تُكتب ما بين عظمة الأوجاع و ما بين حالها
الذي يقضُّ مضاجع الصبر , يمشي على جمرات حالمة , تنتظر أن
تُقبّلُ وجه الأيام الذابلات دمعاً في صحوة الحلم و إن أقبلَ
رأيناه يجادلُ الشّمسَ نوراً و لغةً من الكلمات ..
«رأيناه» و كان خبره يعشق السؤال في لجّةِ الصمتِ , و في ظلال الفعل الملتحن ..
الملتحن من حيث الحزن الكوثريّ الذي يقول لنا أشعاراً
و يخبرنا كيف نعشق تثريب اسمه ؟ تثريب رياحه , «تثريب وقته « و عشقها , هو آهات فجرٍ قام أبناؤه بالرحيل عنه , و تركوا مجده هناك حيثُ لا غيم يظلله , و لا مودّة تُقربه , ولا سنبلٍ يقترب من حقله الشارد
من عبوس ليله و قمر أمانيه الجاحد …
من فيافي الكوثر إذ جاء أمره , و أصبح ينسابُ كالدمع الهاطل «ينسابُ من بين أصابعنا أصابع الزمن السائر
وأصبحت خيوله تهرب إلى حيثُ يُقال عنها « والنازعات نزعاً « والنازفات نزفاً من أوردتنا «أوردة كل ما نمرُّ به .
والنازفات نزفاً، وشيء يبحثُ عن كوثرٍ ما , عن طفلةٍ يُقال بأنها استشهدت في الحرب , كانت في شوارعه تبحثُ عن جدائل طفولتها
عن أنين وقتٍ لم يصفه الشعراء بعد،كانت كمن ينتظر «سفينة النجاة « و يسأل : هل تتأخر ؟ ويتأخر ذلك الشيء المنتظر في المجيء إلينا ؟
كانت كمن تناجي الأوقات كُلّها أن تجلس في محراب وقتها،أن لا تموت كما «كوثر « في قصيدة «الشاعر عمر الفرا « رحمه الله
كانت تناجي كوثر ما , يلدُ على شرفات أحزاننا التائهات , تناجي جماله و بوارق الحلم الأخضر إن حبا طفلها نحونا ؟
إن بزغت شمسه ؟ قلنا «نريد كوثر الأيام , نريدُ عذب مائها , وترياق ُ حالها , نريد علائم مما نشتهي , علائم تتجذر على شجيراتها لغات الكوثر وتحيا قناديل لا تنام،قناديل تبدو مشتاقة وضّاءة تُلقي سلامها على اسم الكوثر , وإن استشهدت طفولته ,بحثنا عن وهج الذكرى , عن مرام وقتها , و غرامُ ألبابها،بحثنا عن رقراق عذبها , و عن مقدسات صورها وإن تراءى ظُلّها لنا.
بحثنا عن الاسم والمعنى لهذه الكلمة , عن نور الأنوار إذ أنهر
من حيث قلنا : و يا ليت مراكب الحياة تقودنا إلى حيث كوثر الأيام .. كوثر الأشياء , و فيافي الكوثر كل ما نشتاقُ إليه .. وإلى عظمته المُبجّلة …
منال محمد يوسف
التاريخ: الثلاثاء 15-1-2019
رقم العدد : 16883

آخر الأخبار
بمشاركة سورية.. انطلاق فعاليات المؤتمر الوزاري الرابع حول المرأة والأمن والسلم في جامعة الدول العربي... موضوع “تدقيق العقود والتصديق عليها” بين أخذ ورد في مجلس الوزراء.. الدكتور الجلالي: معالجة جذر إشكالي... بري: أحبطنا مفاعيل العدوان الإسرائيلي ونطوي لحظة تاريخية هي الأخطر على لبنان عناوين الصحف العالمية 27/11/2024 قانون يُجيز تعيين الخريجين الجامعيين الأوائل في وزارة التربية (مدرسين أو معلمي صف) دون مسابقة تفقد معبر العريضة بعد تعرضه لعدوان إسرائيلي الرئيس الأسد يصدر قانوناً بإحداث جامعة “اللاهوت المسيحي والدراسات الدينية والفلسفية” الرئيس الأسد يصدر قانون إحداث وزارة “التربية والتعليم” تحل بدلاً من الوزارة المحدثة عام 1944 هل ثمة وجه لاستنجاد نتنياهو بـ "دريفوس"؟ القوات الروسية تدمر معقلاً أوكرانياً في دونيتسك وتسقط 39 مسيرة الاستخبارات الروسية: الأنغلوسكسونيون يدفعون كييف للإرهاب النووي ناريشكين: قاعدة التنف تحولت إلى مصنع لإنتاج المسلحين الخاضعين للغرب الصين رداً على تهديدات ترامب: لا يوجد رابح في الحروب التجارية "ذا انترسبت": يجب محاكمة الولايات المتحدة على جرائمها أفضل عرض سريري بمؤتمر الجمعية الأمريكية للقدم السكرية في لوس أنجلوس لمستشفى دمشق الوزير المنجد: قانون التجارة الداخلية نقطة الانطلاق لتعديل بقية القوانين 7455 طناً الأقطان المستلمة  في محلجي العاصي ومحردة هطولات مطرية متفرقة في أغلب المحافظات إعادة فتح موانئ القطاع الجنوبي موقع "أنتي وور": الهروب إلى الأمام.. حالة "إسرائيل" اليوم