ثورة أون لاين : يعلن كثير من أطياف الشعب في سورية الحبيبة ضيقهم مما وصلت إليه الحال فقد بدأت العيون ترى الحقيقة في ما يصنعه الإرهابيون والقتلة من انتهاكٍ للحرمات، حتى بدأت الجماهير تضيق ذرعاً بما يحدث، وأخذت تحمل المعارضة مسؤوليته وتفند في أخطائها التي أوصلت الوطن لما هو قائم الآن على الساحة المحلية…
فقد استأثرت المعارضة، بل كل تيار فيها بمقولة تعابُ عليها (أنها الممثل الشرعي والحصري للشعب السوري) باعتماد على خلفية غربية داعمة حربياً (بلا أيديولوجيا) تهدف إلى ضرب الداخل الوطني بعيداً عن الهم الوطني. وأنهم كما يقول السوريون الذين يعانون ضغط الإرهاب، لم يقنعوا أحداً في الداخل. بل لا يعترف بهم من اصطفوا في المعارضة الوطنية الداخلية. ولم يرسموهم للحظة ممثلين عنهم…
وما نَفَّر الداخل مما يدعى معارضة خارجية تخوين الأطراف لبعضها. لدرجة تصل بها إلى كيل الشتائم والضرب… أي مشهد وأية معارضة وجميعهم يرمي اللوم على النظام والوطن ويحمله وزر ارتمائه وتذرره تحت عباءة الغرب، وتعبئة أرصدته بالعملة الصعبة، وطلبه للتدخل العسكري على الطريقة الليبية أو العراقية (ما ذنب الوطن في انحراف الضالين)؟؟!!… كل هذه التصرفات الرعناء نفت في الداخل السوري عنهم صفة الوطنية، وتركتهم في رهان خاسر لأن بيع السيادة مرفوض من كل شريف داخل أو خارج الوطن. ضاق الشعب بهم وبجنونهم وجنوحهم فلفظهم ورفضهم حتى بأسمائهم.
ولما باءت محاولاتهم بالفشل في استدرار عواطف الداخل السوري لقبولهم حاولوا التأثير على الموقف الروسي والفيتو الذي يملكه، ناسين أن هؤلاء أساتذة سياسة وأنهم (المعارضة) لم يتعلموا حروفها بعد… وإن ادعوا أنهم سياسيون معارضون قطعوا أشواطاً في العلوم السياسة، لكن الحقيقة حتماً عكس ذاك الاتجاه.. وإلا لقرؤوا مقام سورية ومكانتها والمؤامرة التي تستهدفها على مر السنين، وما كانت أخذتهم أحلام العصافير التي كانت تراود أذهانهم حتى وضعوا أنفسهم في نسق المعارضة المناوئة وليس المعارضة الوطنية الخالصة. فصورت لهم أحلامهم هذه أن انهيار الدولة السورية أيامه معدودة. محاولين تغييب وكسر سورية الأبية.. في اجتياح ما سمي بالربيع العربي.. تيمناً بما حصل في الساحات العربية دون فرز منطقي لموقع سورية وشعبها وجيشها ومهمتها القومية ومقاومتها وكينونة المواطن ابن سورية…
راودتهم الأحلام الخائبة في تكوين صورة ما بعد الدولة السورية، بعد تشكيل مجلس اسطنبول ظناً واهياً بأنه بداية، لا محرقة لمن يحتوي، في اختلاف على اقتسام الكراسي. عندها تجلت الصورة أكثر أمام الشعب السوري للذين يَدَّعون (ما يسمى الثورة) فظهر أنهم أصحاب مصالح شخصية في استعراض عضلات بحثاً عن مناصب، تتلطى خلفها نوايا في تورم الذات الساعية لمناصب تقتسم فيها السلطة من قِبَلِ كل فريق، في حالة إقصائية للآخرين. ويظهر كالنبت الشيطاني ما يدعى بمبادرة سيف – فورد… على أنها ائتلاف معارض ولكن الشعب السوري – لابد نَسِيَ هؤلاء الغررة – أنه أمهر من يقرأ الرموز ويفك الشيفرات مهما كانت مختمرة في مختبرات الـ (سي آي إيه). وليس من شعب مثله قادر على تعرية المتخفي مهما كان غطاؤه سميكاً… وتجلت خيبة الإقناع واضحة أمام الشعب السوري، الذي ظنوا بجهلهم أنه ساذج وتنطلي عليه المزاعم بسهولة، فجاؤوا بالسيدا رئيساً لمجلسهم بعد غليون في إطفاء أسماء وإشعال أخرى، ثم جورج صبرا في تلميع لصفة المدنية. وذهبوا لصناعة ائتلاف فاشل تُخوّن فيه أطرافه بعضها البعض، وبعضها للآخَرين من خارجه… لكن… كل شيء واضح للعيان.
ثم جيء بإمام الجامع الأموي ونصّبوه رئيساً للائتلاف وبدؤوا بزجه إعلامياً على المنابر. تراءى لهم أنهم بهذا يستقطبون ألباب السوريين تحت شعار ديني يلعبون على وتره في شخص الرجل… على أنه سيقود ما يدعى بما يروجون مرحلة انتقالية.. ولما باؤوا بالفشل، سرى سعيهم إلى لقاءات مع قوى عالمية مختلفة.
يبتعدون عن الوطن آلاف الكيلومترات ويتنعمون بأترف الفنادق.. ويتركون حَملَةَ السلاح القتلة والمرتزقة تعبث بالداخل السوري، وتنتهك الحرمات والأرواح. ويريدون بعد كل ذلك أن يكونوا قيّمين على هذا الشعب العريض، الذي يعاني ما يعانيه من أدوات غربية وعربية مأجورة خليجياً وغربياً لسفك الدم السوري. وهم هناك يقبضون قيمة المقاولة أو العقد المبرم بقيمة هذا الدم الذي غفلوا أنه لا يقدَّر بثمن ولا يضاهيه إلا حرية الوطن…
ودون كل ذلك يستخف هؤلاء بعقيدة الشعب السوري وجيشه الأبي الذي راهنوا على تفككه، لكنها كانت أضغاث أحلامهم. فالمؤسسة العسكرية تعرف تاريخها جيداً، وتؤمن بمهمتها في حماية الوطن والشعب. ويعرف الجميع أن القائد لا يمكن أن ينهزم من معركة ليترك خلفه شعبه وجيشه، فهذه ليست من صفات القائد الحقيقي. وهي ليست فينا ولا منّا. هذا الجيش الذي هو صورة مصغرة عن الشعب السوري العريض بكل أطيافه ومكوناته. والجامع فيه حب الوطن وأهله… فلا رهان له أو عليه إلا لصالح الوطن والشعب. لأنه يحمي وطن ولا يحمي سلطة كما يدعون. والمعارضة الوطنية الداخلية تدرك ذلك جيداً. ويعلم الجميع أنه لا يمكن اختراق أيٍّ من مكونات الوطن السوري: الشعب، الجيش، المؤسسات، وأحزابه العريقة، كل ذلك جعلهم يتخبطون في دوامةٍ دَعَوْها (معارضة). المعارضةُ الوطنية تبني في الوطن، أما هم فيتبعون أسلوب تحطيم مقدرات الوطن ظناً أنها سبيل وصولهم. لكن الشعب السوري يعلن دائماً أنه يلفظ من يحاول الوصول على دماء أبنائه، وأشلاء شعبه. فلا قبول لمن يرمي الوطن من خارج حدوده ولو بكلمة فكيف إن كان بأدواتٍ وسلاحٍ، وقَتَلة يزجهم لذبح الوطن سورية.. تحت عناوين شتى أكثرها تزيّناً وتزيّفاً (الجهاد)… والذي يُسْفَكُ الدم السوري تحت عنوانه. وهو المهيء للدفاع ضد العدو لتحرير الأرض المحتلة والمغتصبة.
كل ما راهنوا عليه في الجيش العربي السوري لا يتعدى حالات فرار تصيب كل جيوش العالم في جميع الأحوال؛ مستقرة أم متوترة، ولعل الفشل الأكبر الذي وقعوا في ذريعته هو لعبهم على حبل الطائفية فهوَوّا كلاعب (سيرك) لا يعرف قواعد اللعبة في السير والنط على الحبال.. لجهلهم أو لتجاهلهم أن الدخول بين مفردات المكون السوري لا ينال إلا الإخفاق والنبذ.
ولعل ما نزع آخر الأقنعة عن وجوه الذين كتبوا معارضة على أقنعتهم المختلفة والمرصوفة فوق بعضها، في عملية تَخفٍّ وراءها، هو في حقنهم لما يسمى (بجبهة النصرة) إلى داخل الأرض السورية، وكانت غلطتهم الإستراتيجية في دفاعهم عن هؤلاء القتلة بامتياز.. مما عرّاهم وكشف النقاب عنهم..
فقد كانوا يدينون أعمالها خارج الساحة السورية، ويوم حقنوها في الداخل السوري وصموها بأنها تتبع جهات سلطوية داخلية. لكن ورقة التوت سقطت عندما علقوها بأوهى الخيوط (خيط العنكبوت)… فظهرت نواجذهم التي تقطر دماً للنيل من جسد الوطن وخلاياه… وانكشف ظهرهم عندما صنفت الإدارة الأمريكية هذه الزمرة القاتلة بالإرهابية.
وجاءت مبادرة سيادة الرئيس والموافقة على وثيقة جنيف وفق ما يصب في مصلحة الشعب والوطن السوري؛ قاصمة الظهر التي كشفت من يدعون المعارضة خارج الحدود وفرزت الغث من السمين بينهم…
فالمعارضون الوطنيون وإن كانوا خارج الحدود، جاءت المبادرةُ أمامهم ورقةَ عملٍ متوافقة يمكنها إخراج الوطن من أزمته، وجعلتهم في موضع المسؤولية ليحمل سلة الوطن جميع الأطياف الوطنية داخله وخارجه لإعمار سورية المتجددة.. وتركت المرتهنين والذين يعملون لصالح إدارات غير وطنية عراة أمام الشعب السوري، وَوَضَح اصطفافهم وولاءهم خلف سادتهم الذين برزوا على مسرح الأحداث دون (روتوش)، فما كان منهم إلا مناصبة العَدَاء والرفض لورقة الوطن، مع أن التوضيح جاء منذ البداية بأنها ليست موجهة لهم. فقد قرأهم الوطن والشعب كما هم تماماً بحِرْفية وحَرْفية..
فوقعت المعارضة الموارِبَة في (حيص بيص) بعد تعريتها وإماطة اللثام عن مكامن توليفها وتغذيتها وتوظيفها. وبدأت تظهر نِزَاعاتها فيما بينها. وبدأ الانسحاب لمن كمن في نفسه بقايا خير من بذور الوطن، الذي زُرِعَ يوماً في ذاته فطرة ولم يتوفر له المناخ لينهض… ما حدث أخيراً بدأ يُنتِشُ البذور الخيرة ليقف حاملها إلى جانب وطنه وأهله… لعله بدأ يحسب أين يمكن أن تكون يوماً رفاته وفي أي ترب… لأنه لابد أدرك أن الداخل السوري بدأ يقرأ من كان فيه ويعرّش بعيداً عن المصلحة الوطنية. وتجلت حقيقة الأمر خاصة بعد أن رأى بأم عينه أطفالاً يدرَّبونَ على ذبح الضحايا، ورفع السلاح في وجه أهليهم… وجاءت الوثائق المدعِّمة للتصريحات بالصورة التي يرفع فيها طفل لا يتجاوز الحادية عشرة السيف ليلقي به على عنق ضابط كبير رهينة عندهم، لم يوافق مآلهم في مواجهة أهله وشعبه ووطنه. فشرفه العسكري يأبى ذلك وتربيته ووطنية تعصمه عن سفك دم أهله. وتظل الشهادة أقل ثمناً من الخيانة، فهي الإرث الذي لا ينضب لورثة الشهيد. يُغيَّبُ عقل الفتى فينفذ الأمر دون مشاعر، بل بابتسامة خرقاء تنتفي منها روح الإنسانية ونفحة الأخلاق، لأنه أصبح آلة تنفيذية لا إنساناً له عقل… في غيبوبةٍ يستبيح فيها دم أخيه أو أبيه، الذي هيأه الوطن ليكون مدافعاً عنه في وجه أعدائه…
(صورة برسم من يدعون المعارضة وقد بثتها وسائلهم القاتلة)؟؟!!..
من كان يقف في المساحة الرمادية انقشعت الضبابية عن مساحتهم، وظهرت الصور جلية واضحة. فقد غاب الأمان الذي كانت تنعم به الفتاة في أقصى الشمال عندما تستقل حافلة السفر ويودعها والدها وأخوها على بابها الذي يغلق، لينفتح عندما تصل إلى كليتها العلمية في أقصى جنوب الوطن. لا يخشى والدها إلا من حادث سير قد يودي بحياتها… فيبتهل لله أن لا يوقعها فيه ويدعو لها بالسلامة… فكل من معها في الحافلة أخ وأب يحرص عليها كحرص والدها وأخيها اللذين خلفتهم في محطة السفر..
في مشاهد الفوضى ارتفعت آلة القتل بَدَلَ مجالس العلم ومنابع المعرفة والمعلوماتية، وبدل ريادة معاهد حفظ القرآن المنتشرة في كل الأحياء على رقعة الوطن لترسيخ الإيمان وتقويم اللسان… يحل حفظ أناشيد لتبجيل بن لادن…
والطامة الكبرى بدأت عندما فُخِخَتِ المنازل وانتهكت حرماتها، فسرقت وحرقت أو أصبحت مقاراً للمجموعات المسلحة يعيثون فيها فساداً.. والشعب السوري الطيب أول غاية تسعى إليه الأسرة فيه تأمين منزل تمتلكه (والملك لله جميعاً) يحفظ الأسرة من غدر الزمان…
هذه المنازل التي سلبت حرماتها بكثير من أدوات التخريب فأصبحت فوضى السلاح هي اللغة السائدة في المواقع حيث يتواجد المخربون والقتلة والمسلحون… وأصوات الانفجارات توجد حيث يوجدون.. والغاية؟؟!! من لا يراها يحتاج لابد لزيارة طبيب عيون ماهر..
أما إن كان أعمى البصيرة فله الدعاء… ولعل أكثر ما يرهق المواطن التضييق الاقتصادي، في طحن حياة ذاك المصنف في الطبقة الوسطى ضمن التوصيف العالمي الاجتماعي، وهي فئة السواد الأعظم في دولة مواجهة مثل سورية. فقد أرهق ما يحدث كاهل الأسرة السورية…
بالإضافة إلى العقوبات الاقتصادية التي ساهمت بها المعارضة خارج الحدود، في تضييق على المواطن السوري الذي يدّعَون أنهم يمثلونه ويحملون رسالته، بأفواههم فقط.
أما أيديهم التي تغرف المال الخليجي باليسرى، تذبح الشعب السوري اقتصادياً بعقوبات تدفعها بيدها اليمنى… أية معارضة أنتم بالله عليكم وأنتم تسهمون في حرق معامل حليب الأطفال في الداخل، وتمنعون وصوله بفضل عقوبات وقعتم عليها بصرخات الطفل الذي يحتاجه… وتدمر أدواتكم معامل الأدوية وتحطم المرافق الصحية والعلمية… وتسرق مقدرات الوطن الاقتصادية ومعامله لتباع بأبخس الأثمان خارج حدود… حتى قمح رغيف الخبز سرق بدم بارد..
وأكثر ما أخذ باستياء الشعب إلى المجاهرة، ما نال بعضاً من نساء الوطن، ومن انتهاك حرمات، وما نال أطفاله من غدر وعبثية، وزرعٌ للموت في الأجساد وسرقتها بعد سلب أرواحها الطاهرة منها.. وتعود للذاكرة الشعارات التي تحطم الوطن… وحياة شبابه وأبنائه في بث ما يدعى بالفوضى، فتستبشر كلينتون ومِنْ قبلها رايس في تحقيق المشروع الصهيوأمريكي في نشر الفوضى التي دعيت (خلاقة أو بناءة) ولكنها في النهاية فوضى تحطيمية تخريبية.
حطمت المدارس والمستوصفات والمشافي وكل مرافق الحياة.. وتجرأت الأجيال على بعضها البعض، وغابت الحرمات وحقوق الجوار وتفككت الأسرة في ضربٍ خبيث منهجي يناله المستعمر هدية مجانية دون أية خسائر، تحقيقاً لرسالة بوش الابن في ولايته الثانية، بنداء لكل من يحقد على المسلمين قائلاً (علينا تحطيم الإسلام ولن يكون لنا ذلك إلا بتخريب أسرهم وتحطيمها من الداخل) حاولوا أخلاقياً؛ واجهتهم الحصانة الأخلاقية والقيمية، فكان لابد من تفكيكها عن طريق غرائِزيةِ حبِّ حيازة السلاح، في استعلاء شبابي لفتيان في عمر الورد يغرر بهم، فيلقي واحدهم الكتاب ليرفع السلاح في تغذية نفسية يكبر فيها الطفل أو يستشعر كبراً سَبْقاً لعمره..
قَتْلُ الطلبة في جامعاتهم مباشرة أو تفجيراً، قتل الصغار بتفجير مدارسهم وتوزيعهم أشلائهم على مقاعدهم وفي باحاتها، استهداف معلميهم والنيل من أساتذتهم والعقول النابغة فيهم، أو من يعلمهم. والشعار الكبير لا دراسة ولا تدريس… في زرع أفكار تخريبية في أدمغةٍ ما زالت تتفتح على آفاق الحياة والمعرفة والعلم، لتغلق على فوهات البنادق ومنافذ الموت فتصبح أنفاقاً مسدودة.. ومقابر لا خروج من جدرانها… إلا بالقيامة..
قالت المعارضة ومن وراءها من عدو…
وتقول الدولة والموالاة والمعارضة الوطنية الصادقة ومن وراءها من أصدقاء…
والقول في النهاية لمن يقرأ ومن يسمع ومن يرى… والوطن أمانة الجميع…
وسؤالٌ للجميع ولهؤلاء القلة الذين يدعمون كل هذا الإرهاب تحت اسم المعارضة…
ماذا ستقولون في مقتبل الأيام للوطن وأبنائه الذين سيكبرون وفي ذاكرتهم حُفِرَتْ مآسيكم.
قسماً ستظل ألسنتهم تلهج… حماة الديار عليكم سلام وهي تؤدي التحية للعلم مع كل صباح…
شهناز صبحي فاكوش