يتصدر التنسيق الأميركي التركي حول استمرار دعم التنظيمات الإرهابية في سورية المشهد اليوم، حيث اللقاءات والاتصالات بين شريكي الإرهاب تزداد وتيرتها لمحاولة فرض أمر واقع على الأرض يعطي إدارة ترامب ونظام أردوغان المزيد من الفرص لاستكمال مشروعهما التقسيمي، ويمنح إرهابيي داعش والنصرة المأوى المناسب لمواصلة الاستثمار في جرائمهما، حيث وهم ما يسمى «المنطقة العازلة» عاود مجدداً للتعشيش في مخيلة الأميركي، والإخواني التركي.
ترامب الذي استقبل نعوش جنوده الأربعة الذين قتلوا في منبج، واصل اللعب على حبال المراوغة بشأن قرار سحب قواته المحتلة مجدداً، ليترك الباب مفتوحاً لجداوله الزمنية الغامضة، وربطها بالقضاء على داعش، وليزيد السيناتور الجمهوري لينزي غراهام على ذلك، في أمله بأن يبطء ترامب عملية سحب تلك القوات، التي لم تبدأ بعد أصلاً، فضلاً عن تحميل إدارته مسؤولية الأخطاء الأميركية تجاه ما وصفه «بالحليف التركي»، وهذه محاولة جديدة لضمان الأداة التركية في الجيب الأميركي، لاعتقاد الأخير بأن نظام أردوغان الأقدر اليوم على حماية المشروع الصهيو أميركي، لباعه الطويل في دعم التنظيمات الإرهابية في سورية.
جناحا الإرهاب الأميركي والتركي يحضران اليوم لخطط بديلة، تمدد فترة نفوذهما في الشمال، وشرق الفرات، وبما يمهد لإعلان نظام أردوغان التنصل نهائياً من اتفاق سوتشي، بعد ضمان تمدد إرهابيي النصرة في كامل المنطقة المتفق عليها، و«قسد» ستكون الهدية الأميركية لأردوغان، حيث أكد السيناتور الجمهوري وجود ارتباط بين «وحدات حماية الشعب الكردية» و«حزب العمال الكردستاني»، الذي تعتبره أنقرة منظمة إرهابية، ما يعني أن الأدوات الانفصالية ستجد نفسها مرة أخرى في مهب البازارات بين مشغلي الإرهاب، والمستغرب أن تلك الميليشيات الانفصالية لا تزال تراهن على مشغلها الأميركي، وبدل أن تعيد حساباتها لمواجهة مخطط تصفية وجودها، تضع المزيد من الشروط العبثية كي تعود إلى حضن الوطن!.
أردوغان الغارق في مستنقع أوهامه، يتلقف الإغراءات الأميركية بشهية الطامع بتوسيع رقعة احتلاله، لإعادة إمبراطورية أجداده البائدة، من دون الانتباه للدروس التاريخية التي لقنها السوريون لأسلافه السفاحين، وترامب قارئ سيئ للتاريخ، ويريد أن يختبر بنفسه إرادة الشعوب ضد الاحتلال، وحاله كحال الفرنسي الذي يركب رأسه في التشبث بإبقاء قواته المحتلة، لمواصلة دعم الإرهاب، عله يستحصل بعض الفتات الأميركي، علماً أنه لا يزال يتذكر مرارة تجرعه كأس الهزيمة والاندحار عن سورية عندما انتهى عهده الاستعماري.
كتب ناصر منذر
التاريخ: الأحد 20-1-2019
رقم العدد : 16889

التالي