يبدو أن إخفاق الولايات المتحدة بحربها الإرهابية ومشروعها العدواني في سورية، وسقوط الوكلاء والأتباع بنتائج الحصاد، يدفعها للبحث عن إستراتيجيات وخطط جديدة، بدأتها باستكمال خط العقوبات الاقتصادي الجائر، ودفع مؤسساتها البرلمانية لاستصدار تشريعات تهدف لإبقاء قواتها في مناطق وجودها، رغم الحديث عن انسحابها وإصدار قرارات بهذا الشأن، وذلك من أجل الضغط ليس على الحلفاء وحسب، بل على كل من يتقدم خطوة باتجاه الحكومة السورية، لعل حلولاً غير متوقعة تلوح في الأفق، أو معجزة تحصل بغير حساب، لذا تمهد لإرسال عشرات آلاف الإرهابيين إلى المنطقة لإطالة أمد الأزمة فيها، وإيجاد ذريعة لاستمرار البقاء، وإعادة الأمور إلى النقطة التي انطلقت منها، كذلك عاودت العزف على وتر الكيماوي الرخو من خلال إرهابيي الخوذ البيضاء، وذلك يعود للسياسة المرتبكة التي تنتهجها، ولجهلها بأن أيديها مهما تطاولت فسوف تبقى عاجزة ومشلولة، ولن تنال على الواقع ما رسمته على الورق وخططت له في غرفها السوداء.
فالواقع يبشّر بأن الإعلان عن انتهاء صلاحية «داعش» بات قريباً، والتنظيم الإرهابي يحتضر لأنه في أيامه الأخيرة، وملف الخرافة المزعومة سوف يتم إغلاقه رغماً عن واشنطن وداعمي الإرهاب، ولهذا تجد الأخيرة نفسها في ورطة، وبالتالي فالحديث عن مشاريع قرارات جديدة في الكونغرس، ما هو إلا رغبة في العود على بدء، وتعويل على المجهول الذي تأمل أن يحمل لها عصاً سحرية، تشق بها غمار الأراضي وتضعها فيها إلى أجل غير مسمى.
الطرف الثاني الذي يحاول الغوص أكثر في تفاصيل الحرب الإرهابية على سورية والاستفادة منها، ومحاولة جني ما أمكن، النظام التركي الذي يعيش حالة مد وجزر في علاقته مع منظومة العدوان وعلى رأسها أميركا والكيان الصهيوني، فهو من ناحية يقفز على الحبال بين الدول الشريكة في حل الأزمة، كما يسعى لتحقيق أطماعه وأحلامه العثمانية شرق الفرات، لكنه يراوغ بتنفيذ التعهدات فيما يخص إدلب، كما يحافظ على علاقاته المشبوهة مع الجماعات الإرهابية المسلحة، بين اللعب عليها والإيهام بدعم قسم منها، فيما يدعي محاربة القسم الآخر، كما يبحث عن دور له في أماكن أخرى من العالم، ولكن بعد كل ذلك كيف له الخروج من كل هذه المستنقعات من دون أن يتلوث بوحل الهزيمة ومستنقع الفشل والاتهامات، وهو يرتدي كل يوم قناعاً مختلفاً عن اليوم الذي سبقه؟.
إسرائيل كذلك بدورها تناور لكف اليد الأميركية عن الانسحاب، وتستمر بالتحريض لإقناع دونالد ترامب من أجل إبقاء جزء من قواته في منطقة التنف، وتشد حزام الصقور في إدارته نحوها، ظناً منها أن بقاء القوات الأجنبية سوف يعطيها الحرية أكثر لممارسة اعتداءاتها على الأراضي السورية، غير مدركة أن بقاء أي قوات مهما كان حجمها لن يثني سورية أو محور المقاومة عن الرد على تلك الاعتداءات، وأن كل ضربة سوف تقابلها ضربات.
كتب حسين صقر
التاريخ: الجمعة 1-2-2019
الرقم: 16899