مثقلاً بما يظنه إنجازات يحققها، يقفز الرئيس الأميركي من مأزق لآخر، فما يكاد يخرج من ميدان لم يفلح فيه حتى يطلق العنان لخياله والانتقال إلى ما يظنه مزرعة خلفية للولايات المتحدة التي تنصّب نفسها شرطياً للعالم بتفويض القوة الغاشمة لا قوة الحق والقوانين الدولية، وربما قدر الإدارات الأميركية المتلاحقة أن تبقى أسيرة القوة العمياء، من فيتنام إلى الكثير من الميادين التي تدخلت، وكانت الحصيلة غير ما خطط له، والشواهد على ذلك ماثلة أمام العيان، من ذيول الهزيمة في فيتنام، إلى أفغانستان والعراق، واليوم العجز الأميركي التام بالفعل والقدرة على التأثير بأي حدث في العالم، إلا محاولة لفت الانتباه بمعادل آخر متمثلاً بالانسحاب من المعاهدات الدولية التي وقعتها واشنطن، وكانت طرفاً فيها، ومع أنها لم تحترم عهداً أو ميثاقاً يوماً ما وكانت تعمل على خرقها بشكل دائم، لكنها وصلت إلى حد العري التام وإسقاط ورقة التوت الأخيرة، وهذا ليس بفعل القدرة على الفعل والتأثير، لا، بل لأن الأمر نتيجة طبيعية ومنطقية لطبيعة السياسة العدوانية التي وصلت حدها الأعظمي في المشهد العالمي.
تصريحات ترامب التي لا تترك شيئاً مخفياً مما تعمل إدارته على تنفيذه، إلا وتعلن عنه، من تدخلات فظة بالشؤون العراقية إلى التهديد المباشر لفنزويلا والعمل على دعم الانقلاب الذي يعمل على اغتيال الشرعية التي يمثلها مادورو، واللافت في الأمر أن الذيل الغربي يتحرك مباشرة ويتبع السيد الذي يقوده بلا عناء التفكير، بما يحمل الأمر من نتائج كارثية على الأمن والسلم العالميين .
أما الأعراب الذين لا يقتربون حتى من نقطة القبول كعملاء لدى السيد الأميركي، بل هم حملة المناشف والضخ المالي فهؤلاء عادوا من جديد إلى الواجهة ليس كفاعلين في أي مشهد، بل كممول عليه أن يدفع ويضخ المزيد من المقدرات للجماعات التي مازال تدويرها ممكناً، وعلى ما يبدو ثمة ما يخبّأ للأيام القادمة من خلال العمل على تهيئة المسـرح لأصحاب الخوذ البيضاء التي لا تتورع عن ارتكاب الفظائع والصاق التهمة بالجيش السوري لتكون الحجج جاهزة لمن يتباكون على الإنسانية، وفي هذا المشهد الذي يبدو أن العري سيده يظهر أردوغان تائهاً لا يعرف إلى أين يمكن توجيه بوصلته التائهة، وكيف يمكنه الخروج من مآزق الرعونة التي تقوده إلى الهاوية.
كتب ديب علي حسن
التاريخ: الثلاثاء 5-2-2019
الرقم: 16902