الكيماوي يفوح من مؤتمر المانحين .. فهل يسقط دولار ترامب في شر عدوانه؟!

رغم أن ترامب قال أمام الكونغرس إنه»حان الوقت لعودة جنودنا في سورية إلى الوطن» كمناورة وتضليل، إلا أنه يضمر تغيير خطط الانسحاب، وإلا فلماذا أرسلت الولايات المتحدة تعزيزات عسكرية إلى الأراضي السورية في الوقت الذي تنوي فيه الانسحاب..؟!
انعقاد اجتماع وزاري مصغر في واشنطن برئاسة وزير الخارجية مايك بومبيو، ضم ممثلين عن مصر والأردن وفرنسا وألمانيا والسعودية وبريطانيا، وهي الدول الحليفة لواشنطن وبعضها تورط في العدوان وفي كل ما جرى في سورية، ينم عن أن ثلاث دول غربية استعمارية إلى جانب أميركا لا تزال تفكر برسم الخطط لاستهداف سورية في المرحلة القادمة.
ويمكن للمتابع كشف نوع الاستهداف وأغراضه دون جهد، فهذا الاجتماع سيزود المبعوث الأممي الجديد إلى سورية غير بيدرسن بالهوامش التي يعمل ضمنها لخدمة اللصوصية الغربية التي تبحث عن مزايا أو امتيازات اقتصادية في سورية والآلية التي سيسيرون بها للوصول إلى تلك الأهداف، مع كثير من التضليل بحديثهم عن أن لا حل عسكرياً في الملف السوري، وأن تسويته تتطلب حلا سياسيا، والعودة إلى جولة من قتل الوقت عبر جنيف بزعم أنهم جادون في دعمهم للعملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة بموجب القرار الأممي رقم 2254.
إدخال واشنطن عشرات الشاحنات المحملة بالعربات المصفحة والمعدات الفنية ومولدات الكهرباء إلى الأراضي السورية منذ الاثنين من خلال معبر على الحدود العراقية السورية، باتجاه ميليشيا قسد، يدخل في إطار تعزيز قواعدها والمراكز اللوجيستية في بلدتي خراب عشك (غرب مدينة عين عيسى) وصرين (مركز منطقة عين العرب)، حيث أفرغت حمولتها هناك، ولا يمكن تفسير الأمر إلا في هذا الإطار.
لا يزال هدف واشنطن والدول الغربية في سورية هو السيطرة على المواد الهيدروكربونية من غاز ونفط، ولا يهمها الإنسان السوري ولا حمايته ـ كما تزعم ـ لأنها في الحقيقة تقتل السوريين والعراقيين بالطائرات وبالفوسفور الأبيض، وتترك أهالي هجين في ريف دير الزور في أسوأ الظروف، عبرتعريضهم للموت قصداً لتشريدهم وتسليم المنطقة إلى قسد.
وعندما عجز الأميركيون عن تحقيق أي نجاح عسكري في سورية بدؤوا يعملون في سياسة الضغط المالي وهي الحرب الاقتصادية التي يشنها الكونغرس الأميركي الآن، فالمواجهة لم تنته، ولم ينته تقسيم العالم، فالأميركيون عندما يفشلون في المواجهة المباشرة، يلجؤون لطرق أخرى مختلفة من أجل تحقيق اهدافهم، وأما زعمهم تقديم المساعدات الإنسانية للشعب السوري فلعبة سياسية، إذ لم يتغير أي شيء، والحقيقة أن الأميركيين لن يخرجوا نهائياً إلا بعد أن يصبح استمرار بقائهم مكلفاً ماديا وبشرياً.
وزارة الخزانة الأميركية تعمل بالترادف مع البنتاغون، من خلال إنشاء قانون قضائي يسمح لها بتطبيق القوانين الأميركية خارج أميركا بحجة أن بعض المعاملات الدولية تمت بالدولار، هذا القانون تطبيق لاجتهادات المحاكم الأميركية وفي الوقت نفسه، طورت وزارة الخزانة أدوات مالية تسمح لها بمعاقبة الأفراد والشركات والحكومات، بصعوبة لم يتمكن أحد من مطابقتها، والمثال الأكثر إيلاماً هو العقوبات المفروضة تدريجيا ضد إيران منذ عام 2005.
وبرغم كل ذلك الولايات المتحدة تنتقل من فشل إلى آخر، وقائمة إخفاقاتها من فيتنام إلى العراق وأفغانستان وسورية وليبيا مستمرة، وهي تريد تغطية هذا الفشل في سورية عبر إبقاء وضع الدمار الذي سببته في عدوانها لمدة طويلة كي لا تتم إعادة بناء سورية أبداً لأن بعض السياسيين الأميركيين والغربيين يرون سورية كجزء من إسرائيل الكبرى، وأنه يجب ألا تكون هناك أمة عربية في المستقبل مع محاولة أن يكون كل شيء منظم لتدمير كل شيء (كما فعلت ربيبتهم داعش) لأنهم كانوا يريدون أن تختفي سورية بأي ثمن.
وتعلم الولايات المتحدة أن سورية لن تلجأ للغرب لإعادة إعمارها، والغرب خسر إعادة الإعمار التي كان يريدها لحسابه وهو يعلم أن التمويل سيأتي من الشرق، وأن الشرق يحاول أن يتحرر من الدولار، ولا عجب في أن المزيد والمزيد من الدول تريد إعادة الذهب إلى بلادها، وأن الولايات المتحدة ليس لديها مخزون من الذهب في بنوكها يغطي دولارها ما يهدد بانهيار النظام النقدي العالمي بأكمله.
أميركا لا تزال ترى أن تشديد قبضتها على المنطقة بالحروب، سيحمي دولارها من السقوط، وبصرف النظر عن تجار الأسلحة، فإن الذين يستفيدون من الحرب المتنقلة هم المصدرون الأميركيون للنفط والغاز الصخري، بعضهم عن طريق بيع الحرب التي هي السبيل الوحيد للازدهار لدى الساسة المصابون بجنون العظمة وربما بالهستيريا، والبعض الآخر عن طريق إعاقة تجارة الطاقة في البلدان التي تحتل أميركا جزءاً من أراضيها سواء بالقواعد العسكرية أم بالقوة.
ولذلك ما زالت الدبلوماسية الأميركية تدعي حتى الآن أنه يجب تهيئة الظروف اللازمة لـ «هزيمة مستدامة» لداعش من أجل التمترس في المكان وإتاحة الوقت لحلفاء غربيين، كفرنسا وبريطانيا للانخراط عسكريا في المنطقة ضمن التحالف الدولي وإقامة ناتو عربي إسرائيلي ضد سورية بحجة محاربة داعش وهذا جزء من طروحات الاجتماع الوزاري المصغر في واشنطن، لا ليتكيفوا هم مع فشلهم بل بنية فرض التكيف على النظام العالمي بأسس وخطط سياسية جديدة.
شعارهم في العراق أنه يجب أن تظل دول الغرب في المنطقة بزعم دعم العراق في إعادة الإعمار، ونقل هياكل الناتو باسم مهام التدريب للتمترس في المنطقة ومايك بومبيو يتحدث عن مرحلة تالية من «الحملة في العراق» بذريعة منع عودة داعش.
أما في سورية التي»لم يغادرها الأميركيون بعد» فيتساءل الغربيون حول كيفية حماية شركائهم في ميليشيا قسد مع رفع مقدراتها العسكرية، ويتحدث دونالد ترامب عن «منطقة عازلة» في شمال سورية، وفرنسا في توزيع أدوار غريبة اقترحت إنشاء «منطقة حظر الطيران» ، لحماية قسد فقط. وزراء دفاع الدول الأعضاء في التحالف الدولي ضد داعش سيعقدون اجتماعا يوم 15 شباط في ميونيخ، على هامش مؤتمر أمني إقليمي، من أجل امتصاص تداعيات الإعلان المفاجئ عن الانسحاب الأميركي من سورية، برئاسة بومبيو وسيناقشون المرحلة المقبلة من وجودهم في العراق وسورية.
من الواضح أن أميركا وحلفها لن يتخليا عن العدوانية ضد سورية والمنطقة، وإرهابيو أميركا جاهزون عبر خوذهم الإرهابية لإطلاق استفزازات كيميائية هي حقاً جارية في محافظة إدلب لاستهداف سورية من جديد بعدوان أطلسي، وقد نقلوا زجاجات الكلور من جسر الشغور إلى خان شيخون وعملية النقل تمت في إطار التنسيق والتفاعل بين الخوذ البيضاء وجبهة النصرة الإرهابية.
اسم تركيا لم يرد في الاجتماع المصغر والاجتماعات القادمة للتحالف، ولكن تركيا لا تزال الشريكة بالعدوان رغم مساري آستنة وسوتشي، وكل شحنات السلاح لجبهة النصرة وبقية الفصائل الإرهابية تمر عبرها وبأمرها، لمنع عودة الاستقرار والأمن التام للمناطق السورية الشمالية بانتظار تغير الظروف والعودة إلى الطموحات الأردوغانية المتورمة.

منير الموسى
التاريخ: الخميس 7-2-2019
الرقم: 16904

 

 

 

 

 

آخر الأخبار
المركزي يصدر دليل القوانين والأنظمة النافذة للربع الثالث 2024 تحديد مواعيد تسجيل المستجدين في التعليم المفتوح على طاولة مجلس "ريف دمشق".. إعفاء أصحاب المهن الفكرية من الرسوم والضرائب "التسليف الشعبي" لمتعامليه: فعّلنا خدمة تسديد الفواتير والرسوم قواتنا المسلحة تواصل تصديها لهجوم إرهابي في ريفي حلب وإدلب وتكبد الإرهابيين خسائر فادحة بالعتاد والأ... تأهيل خمسة آبار في درعا بمشروع الحزام الأخضر "المركزي": تكاليف الاستيراد أبرز مسببات ارتفاع التضخم "أكساد" تناقش سبل التعاون مع تونس 10 مليارات ليرة مبيعات منشأة دواجن القنيطرة خلال 9 أشهر دورة لكوادر المجالس المحلية بطرطوس للارتقاء بعملها تركيب عبارات على الطرق المتقاطعة مع مصارف الري بطرطوس "ميدل ايست منتيور": سياسات واشنطن المتهورة نشرت الدمار في العالم انهيار الخلايا الكهربائية المغذية لبلدات أم المياذن ونصيب والنعيمة بدرعا الوزير قطان: تعاون وتبادل الخبرات مع وزراء المياه إشكاليات وعقد القانون تعيق عمل الشركات.. في حوار التجارة الداخلية بدمشق بمشاركة سورية.. انطلاق فعاليات المؤتمر الوزاري الرابع حول المرأة والأمن والسلم في جامعة الدول العربي... موضوع “تدقيق العقود والتصديق عليها” بين أخذ ورد في مجلس الوزراء.. الدكتور الجلالي: معالجة جذر إشكالي... بري: أحبطنا مفاعيل العدوان الإسرائيلي ونطوي لحظة تاريخية هي الأخطر على لبنان عناوين الصحف العالمية 27/11/2024 قانون يُجيز تعيين الخريجين الجامعيين الأوائل في وزارة التربية (مدرسين أو معلمي صف) دون مسابقة