«سورية والحرب الكونية».. «من رؤوس اللصوص والداعين.. إلى الأدوات والمنفذين»

«هي حربٌ التقى فيها كل الحاقدين والانتهازيين، وضُخَّت لأجلها آلاف الأطنان من الأسلحة الفتاكة بمختلف أنواعها، واستُقدم لها كل مرتزقة الحروب. لذلك، يمكن اعتبارها «حرباً كونية» حقيقة لا مجازاً، لأن المحاربين لسورية، لم يستخدموا فقط تلك الأسلحة التقليدية المعتادة، وإنما استخدموا أيضاً، الدين المزيف، والعقل المعطل، والإعلام المُغرض»..
بعد أن قدّم «أبو لحية» بالحديث عن الهدف من الكتاب وفحواه، أهداه: «إلى سورية الجريحة – قلب العروبة النابض.. أنتِ في قلوبنا، ونتألَّم لكلِّ قطرةِ دمٍ شهيدٍ تسيل على أرضك، ونمتلئ غيظاً من أولئك الحمقى المغفلين الذين يخربون بيوتهم بأيديهم، ويبيعون أوطانهم لعدوهم.. تقبَّلي مني هذه القطرات من المداد، وإن شئتِ بدلها دماء، فدماؤنا رخيصة في سبيلكِ».
هكذا بدأ هذا المفكر الذي تقصَّد تأليف الكتاب «رداً على المنظومة الفكرية التي تبنت الحرب على سورية، وعلى مثلها من البلاد العربية والإسلامية» ولأن ماتعرَّضت له سورية من اعتداءات صمتَ العالم أمامها، بل وشجعت دول عربية على استمرارها، جعله يشعر بأن عليه ألا يسكت، وألا يكون محايداً، معتبراً أن «الحياد في هكذا مواقف خيانة وجريمة» وأن: «من سمع بتكالبِ الغرب على سورية وضربهم لها، ولم يتحرك له جفن، أو يتأثر، فهو إما ميت أو عميل، ومن لم يقف مع إخوانه في سورية لينتصر لهم، ويتألم لآلامهم، فقد باع نفسه للشياطين، ومن لم يستفق لحقيقة ما يجري، وهو يرى المعارضة السورية العميلة تفرح بالضربة الثلاثية لبلدها، بل تتألم لأنها لم تحقق أهدافها، فلن يستفيق أبداً، ومن لم يفطن للجزيرة والعربية وغيرهما من قنوات الفتنة حين يرى تغطيتها للأحداث الجارية وتشجيعها لكلِّ المجرمين، على ضرب سورية، فسيبقى عقله دائماً موضعاً لقمامتها، ومن لم يميِّز بين العلماء الصادقين في الفترة التي يضرب فيها قلب العروبة، فلن يميز بينهم أبداً»..
كل ذلك، دفعه إلى تأليفِ هذا الكتاب الذي كان هدفه منه، التنوير وذكر الحقائق كما هي، وعبر أقسامٍ ثلاثة, وعما يحدث في سورية قال: بعد أن خاطب قوَّاد هذه المؤامرة والمنقادين لها والمتاجرين بها: «أيها المتاجرون بالدمِّ السوري.. أنتم مجرمون بكل المقاييس، وكل طفل قُتل، وكلّ بيت هُدم، وكلّ مصنع سُرق، وكل قطرة بترول أخذتها أمريكا أو تركيا، أنتم مسؤولون عنها يوم القيامة.. وسيسجلكم التاريخ مع كل الظالمين الذين لم يقدِّموا في دنياهم سوى الخراب والظلم والدمار».
هذا ما خاطب به «أبو لحية» المتآمرون، ممن واجههم وتحت عنوان «سورية ورفع الأقنعة» بأنَّ ما اقترفوه بحقّها، كشف «كل أقنعة الدجل والنفاق التي لبسها القوميون والإسلاميون والتقدميون والرجعيون والمتنورون والظلاميون. كله ظهر بصورته الحقيقية التي كان يستعمل كل الوسائل لإخفائها».
لقد كانت مواجهته هذه، ليقينهِ بأن «أميركا-الشيطان الأكبر» هي من قامت بتمريرِ كلِّ الشرورِ إلى سورية، ولسبيينِ هما: «وقوف سورية الواضح والصريح مع المقاومة بكل أنواعها، ومقاومتها للتطبيع بكل أشكاله».. «احتضانها للمقاومة الفلسطينية، وعدم مساندتها للمؤامرات المحاكة ضد حلفائها وأشقائها المقاومين».
لاشكَّ أنه، ما جعله يتابع «أسرار قوة النظام السوري» و«قوة الرجال الذين بنى عليهم» و«قوة التحالفات ومصداقيتها» و«ضعف خصومه وولاءاتهم المتعددة، التي حولتهم إلى دمى لا إنسانية ولا قيم تحكمهم».
أيضاً، ومما تناوله في هذا القسم من الكتاب: «البترول السوري والأربعون لصاً».. «البترول الذي كان مخصَّصاً لأطفال سورية وشبابها وشعبها، وكان وسيلة لسدِّ احتياجات من يضعون كل قطرة منه في محلها المناسب» وهو ماجعل أولئك اللصوص الأربعون، يرون في اللصِّ «التركي» الأكبر، سبيلاً لسرقةِ البترول السوري، وعبرَ أدواتٍ تمثَّلت: «تمثَّلت في أولئك الذين يرتقون المنابر، ويصلون بالناس في المحاريب، لكن قلوبهم قلوب ذئاب، ولا دين لهم إلا دين ملوكهم وسلاطينهم، وقد راح هؤلاء الدجالون الذين يلبسون جلود الضأن، يستعملون كل ألوان الخداع والمكر لتوفير أكبر عدد من اللصوص وإرسالهم إلى أرض سورية، بحجة تطهيرها من الكفرة والزنادقة».
«هذه بداية القصة أما نهايتها، فهي أن كل لصٍّ وطئت قدماه أرض سورية، سيلعنه التاريخ، وتلعنه الأيام، ويموت شر موتة، ويعود البترول لأهله، وتعود سورية لأهلها، ولن ينال الشرف إلا من وقف معها بسيفه وقلمه ولسانه، ولن ينال الخزي إلا من وقف ضدها، ولو بقلبه، فسورية لا ترحم أعداءها، ولا تتسامح معها، لأنها رمز للعدالة، وأعداؤها رمزٌ للظلمِ والجور».
كل هذا وسواه، جعل هذا المفكِّر يفضح كلّ «من سرق مصانع حلب» وكلّ «من كان سبباً في لجوءِ الأمواج البشرية السورية، إلى مختلف دول العالم».
لكن.. «لماذا يُستهدف الجيش السوري» تحديداً؟!.. سؤالٌ أطلقه «أبو لحية» ليبيِّن بأن الأسباب تعود لكونه: «الجيش الذي لم يغبْ عن أي حربٍ وقف فيها العرب ضد إسرائيل، وقد قدَّم الدماء والتضحيات الكثيرة، وحقَّق الانتصارات الكبيرة، وحمى الأمة من مشروع إسرائيل الكبرى الذي لم يكن يطمع فقط بفلسطين، بل كانت عينه تمتد لكل دول المنطقة، إضافة إلى عقيدته المقاومة التي جعلت منه حليفاً قوياً لكلِّ مايوجَّه لخدمة الأمة والقضايا العربية والمصيرية».
كثيرة هي المواضيع التي تناولها «أبو لحية» وتنطقُ بالحقِ لاعنةً الضلال.. كثيرة وجميعها تقدِّم إجابات مدروسة وواقعية، لأسئلةٍ كثيرة منها، سبب فشلِ ماسُمِّي بثورات الربيع العربي، بل الإرهابي، حتى بعد أن «شهد شاهدٌ من أهلها» بأن من كان وراء شياطينها: «علماء ومشايخُ الفتنة والضلال، المحرِّضين لأصحاب اللحى الطويلة من الجهلة والمتعصّبين والمفخَّخين طمعاً بملاقاةِ حورِ العين».
لكن «هل هؤلاء هم العرب؟». سؤالٌ دفع «أبو لحية» لتعرية وجوهٍ كثيرة، منها وجوه المعارضة السورية الخارجية، التي أدان أحقادها وخيانتها ودونيّتها، وبرسالةٍ واجهتها ببشاعة أفكارها وعمالتها»..
عرّى وواجه هؤلاء، وفضح الخونة والعملاء. أصحاب «المواقف المليئة بالنفاق. الذين تنكَّروا لوقوفِ سورية معهم ومساندة قضاياهم، والذين باعوا أقلامهم فطفحتْ بالحقد والفتنة والتحريض وبثِّ سمومِ أفكار قوَّادهم.. الإعلاميون ورؤساء البعثات والخطباء الذين «استعملوا كل وسائل التحريض لإسقاط الأنظمة، وتفكيك الجيوش، وتدمير البلاد والعباد».. الأدوات والأبواق والمُغفَّلين والمُستَحمرين».

 

هفاف ميهوب
التاريخ: الجمعة 8-2-2019
الرقم: 16905

 

 

 

 

 

آخر الأخبار
استراتيجية "قسد" في تفكيك المجتمعات المحلية ونسف الهوية الوطنية ملتقى التوظيف جسر نحو بناء مستقبل مهني لطالبي العمل خبير بالقانون الدولي: السلطة التشريعية الرافعة الأساس لنهوض الوطن وتعافيه السياحة تستقطب الاستثمارات المحققة للعوائد والمعززة للنمو الاقتصادي عبد المنعم حلبي: استعادة الثقة أهم أولويات البرلمان الجديد قروض حسنة بلا فوائد.. كيف نضمن وصول الدعم للمنتجين؟ مراكز دعم وتوجيه في جامعة حمص لاستقبال المتقدمين للمفاضلة تأهيل بنى تحتية وتطوير خدمات تجارية في "الشيخ نجار الصناعية" "مدينتي".. جامعة حلب تسهّل عملية حجز غرفة في السكن الجامعي "المخترع الصغير".. حيث يولد الإبداع وتصنع العقول مجلس الشعب مسؤولية وطنية لبناء دولة القانون تأهيل جسر "عين البوجمعة" بريف دير الزور سوريا تطلق مشروع تنظيم المهن المالية وفق المعاييرالدولية التأمين الهندسي.. درع الأمان لمشاريع الإعمار والتنمية اختتام زيارة لـ"الجزيرة نت" و"نادي الإعلاميين" إلى صحيفة "الثورة" ما بين السطور في مهب الرايخ واشنطن تقلّص وجودها في العراق وتعيد توجيه بوصلتها نحو سوريا رحلة الاقتصاد الجديد بدأت..ماذا عن الأبواب الاستثمارية المفتوحة؟ إدارات القطاع الصناعي تجهل ضبط مسارها بما يتناغم مع الحكومة «سيبوس 2025».. منصة لانطلاقة سورية نحو الاقتصاد العالمي