من البديهي والمنطقي أن تلجأ الجهات المعنية في الدولة إلى تطبيق سياسة ترشيد النفقات والحد من الهدر قدر المستطاع والابتعاد عن الكماليات ومظاهر الرفاهية، فنحن اليوم في حالة حرب سياسية وعسكرية واقتصادية ولكن ماذا عن متطلبات العمل..؟
من أحد أشكال الحرب الاقتصادية والمقاطعة على سورية تمثل في أن الكثير من الشركات الأجنبية التي ورغم توقيعها عقود توريد وصيانة عزفت عن تنفيذ التزاماتها حسب العقود الأمر الذي تسبب في توقف الكثير من الخدمات والأجهزة إلا الحاجة فعلا كانت أم الاختراع حيث عمد الكثير من الجهات التي عمدت وبخبراتها الوطنية إلى تصليح المعطل وتشغيل المتوقف بأجور رمزية حيث كان آخرها عملية إصلاح الضاغط التي قام بها العاملون في مصفاة حمص لتكرير النفط حيث استطاعوا توفير ستة ملايين يورو لشراء ضاغط جديد إضافة إلى توفير نفقات يومية تقدر بنحو ألفي دولار وكلها نفقات نحن في أمس الحاجة لتوفيرها في هذا الوقت الصعب.
إبداعات ومبادرات العمال السوريين لم تتوقف طوال سنوات الحرب حيث كان لعمال الكهرباء في المحطة الحرارية في بانياس أيضا مبادرة تستحق الذكر والوقوف عندها وخاصة أنها وفرت أيضا ملايين اليويروهات على الدولة وأعتقد أن هذا هو المثال الحي لترشيد النفقات وضبط الهدر لا كما نسمع من ممارسات في بعض الجهات العامة حيث بدأت حالة من الخلط بين مظاهر الرفاهية ومتطلبات العمل وامتدت سياسة التقشف لتشمل الحاجات الأساسية للعمل، فأصبحنا نسمع عن حالات ونماذج غريبة لافتة للنظر مثل أن يشمل التقشف منع التدفئة في مؤسسات يضطر عمالها للدوام ليلا أو تخفيض خطوط المبيت أما بالنسبة للآليات الحكومية فحدث ولا حرج، فالآليات المخصصة للخدمة العامة أصبحت في درجة من التهالك وبالتالي فإن عملية إصلاحها هو الهدر بعينه وخاصة أن عمرها الفني قد انقضى منذ أجل، أما الآليات المخصصة فالجميع يعرف المعاناة لأصحابها والتي وصلت اليوم لدرجة لا تطاق.
باسل معلا
التاريخ: الجمعة 8-2-2019
الرقم: 16905