في زوبعة الانسحاب الأميركي من سورية.. يكتب دونالد ترامب آخر ذكريات الخروج من شرق البلاد على جدران (المعركة الحاسمة).. ويرسم بغبار المعركة الاعلامي (بطلا كرديا) وتحالفا دوليا (اسطوريا) قررا هزيمة داعش بعد قرار الانسحاب.. وسرقة مفاتيح الانتصار من الجيب الأخير للخليفة.. لم تنته بعد مفاجآت ترامب، فالمعركة الاستعراضية الجارية في شرق سورية على ضفاف المرحلة الاخيرة لم ترم القنابل على داعش بقدر ما فجرت من هواجس داخل صدر أردوغان.. التحالف يخطف (النصر)على داعش فوق احصنة كردية.. المعركة التي اطلقت عليها قسد اسم (المعركة الحاسمة).. ربما هي معركة حسم الخيارات الاميركية بين الورقة الكردية والجوكر العثماني.. دونالد ترامب رمى بأردوغان خارج العرض الاخير للتحالف.. ورمى الاكراد ايضا ولكن بهيبة (الورقة الرابحة)..
على اي حال الانسحاب الاميركي يعني انه رمى كل اوراقه على اختلاف وزنها ودورها.. فهل كان الرئيس الاميركي بحاجة الى استعراض الخروج هذا؟! ماء وجه التحالف الدولي وسمعة مكافحة الارهاب تحتمان عليه خوض معركة الجيب الأخير.. الفارغ من كل شيء حتى من (الحسابات الانسانية) المعتادة.. فحيث تطارد واشنطن داعش فهي كأنما تطارد الجاذبية على سطح القمر.. لا مدنيين ولا خطوط حمراء.. نكاد نجزم ان الخليفة الذي استعصى على تحالف الستين دولة في ثماني سنوات (حلف) برأس ما ملكت أيمانه من جوار استخباراتية غربية ان يسلم المنطقة بأسرع مما يستسلم توم لجيري في الفيلم الكرتوني.. ويمضي بقبعة الإخفاء فلا حضور ولا فناء للبغدادي.. بل كل النداء اقتصر بالخوف على عائلات أتباع الخليفة من سوقهم للمحاكمات في العراق.. فهل يميز التحالف في دقته الاستخباراتية بين الداعشي وفلذة كبده (الارهابية)؟
الدول الغربية تريد استعادة (ارهابييها المقاتلين) والإقفال على الصناديق السوداء لعملياتهم ليس في سورية فحسب بل في العالم، ولذلك نصبت فرنسا خيم المرابطة على الحدود مع العراق كي تضمن عدم تسرب اسرار الرؤوس الارهابية التي صنعت في غرف الاستخبارات الغربية..
هكذا تجري المعركة في شرق البلاد في حين توضع العصي في عجلات خلاص ادلب، ويبقى في سوتشي ما يرهق موسكو وطهران من أردوغان.. يربت بقدمه من اجل منطقة امنية تبعد شبح الاكراد عن مخيلته الانتخابية.. اردوغان سيدفع من تنازلاته في سوتشي لمضغ مزيد من الوقت حتى نيسانه الانتخابي.. ربما نجده يصفق للجنة الدستوريه او يضغط على اعصابه ببدء العمليات العسكرية في ادلب وقد يتلاعب ويغش بمزج درع الفرات وغصن الزيتون مع جبهة النصرة وخلط الاوراق.. أو يعيد قراءة اتفاق أضنة بنظارة موسكو ودمشق.. لكن الأكيد ان حلم طربوشه العثماني الأحمر فوق المنطقة الامنية لن يكون هدية 14 شباط القادم في سوتشي..
كتبت عزة شتيوي
التاريخ: الأثنين 11-2-2019
رقم العدد : 16906