سعد صائب.. الكاتب الذي عاش أدبه

الملحق الثقافي-سلام الفاضل:

سعد صائب – كما قال عنه الأديب خليل هنداوي – كاتب موفق لا يصدر إلا مدفوعاً بفكرة مشبعة أو عقيدة حارة أو عاطفة ثائرة. فهو، أي صائب، الكاتب الكبير الذي يعمل بحماس المبتدئ الذي عليه أن يركض ويلهث، وإلا نسيه من الوجود حتى الأقربون؛ ولعل مؤلفاته المائة والخمسين التي أنجزها خلال سني حياته هي أكبر شاهد على صدق سعيه، وحثيث عمله، واكتمال تجربته الأدبية.
و(سعد صائب)، تأليف: سراج أحمد الجراد هو عنوان الكتاب الشهري لليافعة الذي صدر مؤخراً ضمن سلسلة «أعلام ومبدعون» عن الهيئة العامة السورية للكتاب، والذي يتناول بين دفتيه الحديث عن هذا الكاتب والمترجم الذي مهدت له ثقافته وهو فتى الطريق نحو الإبداع الذي أغنى عبره المكتبة العربية بشتى صنوف المؤلفات الفكرية والأدبية والشعرية.

المولد والنشأة

ولد الأديب سعد علي صائب في السابع عشر من شهر تشرين الثاني عام 1917 في حي العثمانية أحد أحياء مدينة دير الزور في البادية السورية على ضفاف نهر الفرات. اشتهرت عائلته بمكانتها الفكرية والعلمية في هذه المدينة، فكان والده واحداً من وجهائها ومثقفيها الأوائل، فقد نشأ على محبة العلم، ثم تقلد وظائف الدولة فكان قائمقاماً لمدة طويلة في الحسكة وأبو كمال، وأسس عام 1916 (جريدة الجول) وهي أول صحيفة أنشئت وطبعت في دير الزور.
دخل سعد المدرسة الابتدائية، ثم درس في تجهيز الفرات، وانتقل بعدها إلى دمشق ليدرس المرحلة الثانوية في معهد (اللاييك)، ومن ثم إلى بيروت ليدرس في جامعة القديس يوسف اليسوعية، وينال منها شهادته الجامعية في الأدب العربي.
عمل سعد صائب مدرساً في الثانويات الريفية، ثم موظفاً في وزارة الزراعة، فمديراً لمكتب الوزير، ثم أصبح مديراً للمتحف الزراعي في دمشق. بدأ سعد يكتب في الدوريات على استحياء ونشر أولى قصائده عام 1936 وهو ابن تسعة عشر عاماً، أسس عام 1958 مع مجموعة من الأدباء في دمشق (جمعية الأدباء)، وكان من أوائل المؤسسين لاتحاد الكتّاب العرب.
أحدث سعد صائب على نفقته الخاصة ابتداء من عام 1988 أول جائزة أدبية سنوية في دير الزور للأدباء الشباب باسم (جائزة سعد صائب للشعر والقصة)، وابتداء من عام 1990 أحدث جائزة سنوية تشجيعية للمتفوقين في الشهادة الثانوية العلمية والأدبية في دير الزور من طلاب «ثانوية الفرات». في عام 1978 أُحيل سعد صائب على التقاعد وتفرغ للكتابة والترجمة والنشر.
المثقف الأديب
آمن سعد صائب أن مهمة الأدب هي توجيه المواطنين حتى تتوحد أشواقهم، وتسمو نفوسهم، وتتحد مشاعرهم، وليتذوقوا روائع الكون في جماله، وليؤثروا الخير والتزام الاعتدال، وإزالة ما علق في عهد الطفولة من أمور سخيفة وأساطير ضحلة، تسبب العجز والتيه. فسعد نظر إلى الأدب نظرة جدية ورصينة، ورأى أن الأدب في مفهومه هو دعوة إصلاح وتربية للمواطن للتسامي، ومعرفة حقائق الحياة، حتى يعيش سعيداً في مجتمع سعيد.
الجانب القومي
لطالما ردد سعد قوله: «أبكي لأمتي المشرذمة، أبكي للحال التي بلغناها، فلو اتحدنا واجتمعنا لتجاوزنا باقي الأمم…». فقد آلمه ما آلت إليه الأمة من انهزام وتأخر على مختلف الصعد، وحين أصدر كتابه (مع الفجر العربي) أهدى منه نسخة إلى الرئيس جمال عبد الناصر الذي بعث إليه بدوره رسالة جوابية يشكره فيها. ومن كتبه في القضايا القومية أيضاً: صراع مع الغرب في حضارته وتياراته الفكرية – هذا العالم العربي – مآثر العرب.
سعد مترجماً
أولع سعد صائب بالترجمة إلى حد بعيد، وترجم لشعراء من فرنسا وإسبانيا وهولندا وبلجيكا والسويد والصين وأمريكا الجنوبية؛ وكانت غايته إطلاع من لا يجيد أية لغة أجنبية على الحركة الشعرية في العالم وأشهر أعلامها، وقد اعتمد في الترجمة على التعريب أحياناً فقد كان يتصرف في النص الأصلي ليصوغه بلغة عربية فصيحة جزلة ومشرقة، ويبعد عنه صفة الترجمة الحرفية التي تقتل النص.
كان سعد صائب في ترجمته واضح الشخصية، متين العبارة، بيّن النبرة، شاعري الجرس، ومن بعض إسهاماته في مجال الترجمة: في رياض الشعر العالمي – ديوان الشعر السويدي المعاصر – شعراء من أميركا اللاتينية… وغير ذلك.
وفاته
تراجعت صحة سعد صائب في السنتين الأخيرتين من حياته، وعانى من المرض الذي جعله عاجزاً عن الحركة والخروج من منزله، وظل على هذه الحال إلى أن وافته المنية في الثاني من شباط عام 2000.

التاريخ: الاثنين12-2-2019

رقم العدد : 16907

آخر الأخبار
تأهيل ثلاث مدارس في ريف دير الزور  التنمية الإدارية تنشر قوائم تضم 40,846 مفصولاً تمهيداً لإعادتهم إلى العمل  تحالف للاقتصاد السوري السعودي.. د. إبراهيم قوشجي لـ"الثورة": لا يخلو من التحديات ويفتح أسواقاً جديد... "أوتشا": خطة إسرائيل لاحتلال غزة تنذر بكارثة إنسانية   الصناعة والتجارة الأردنية: 200إلى 250 شاحنة تدخل سوريا يومياً تعرفة الكهرباء الموجودة..  بين ضغوط "التكاليف والإمكانات"   الاتفاقية السورية- السعودية خطوة استراتيجية لإعادة تنشيط الاقتصاد الوطني  "إدارة الموارد المائية في ظروف الجفاف بمحافظة اللاذقية" تحديث منظومة الضخ من نبع السن وتنفيذ محطات ... مرسوم  بتعيين إبراهيم عبد الملك علبي مندوباً دائماً لسوريا في الأمم المتحدة  نيويورك تايمز: جرائم نظام الأسد تغيّب مئات الأطفال في متاهة السجون ودور الأيتام الحالة الوطنية الجامعة وتعزيز مبدأ الانتماء والهوية أرقام مبشرة في حصاد ما أنجزته "الزراعة" منذ بداية 2025 تكريم الطالبة مها الدوس بدرعا لتفوقها في شهادة التعليم الأساسي "أوقاف درعا الشعبية" تدعم المستشفيات وجرحى أحداث السويداء تطوير منظومة النقل في حلب وتنظيم قطاع المركبات الزراعة بريف حلب بين التحديات والفرص ارتفاع كبير ومفاجئ للأسعار في أسواق طرطوس.. والرقابة غائبة! "شفاء 2".. يداً بيد لتخفيف معاناة المرضى .. 100 طبيب سوري مغترب لتقديم الرعاية الطبية والجراحية المج... ضربات الشمس تحت السيطرة.. وقطاع الإسعاف في خط الدفاع "ضاحية قدسيا" بين تحديات الواقع الخدمي وآمال الدعم الحكومي  خدمات متردية في السكن الشبابي ومساحا...