ثورة اون لاين: أحرق نيرون روما، وجلس على تلالها ومعه من أغرته بذلك، كان يرى بلذة المنتقم كيف تشب ألسنة اللهب وتأتي على كل شيء.. نيرون الطاغية وروما المدينة المسالمة الآمنة لم تكن أول مدينة في التاريخ تحرق أبداً،
ولم تكن الأخيرة، ولكنها لفظاعة ماجرى وهوله ظلت خالدة في القلوب والأذهان ومن حريق روما إلى دمشق التي جاءها نيرون الغرب ، المدمر والقاتل والحاقد كيف لنا أن نقرأ ماجرى ونفسره.. عامان من الألم والجراح، ونحن نقدم للوطن قرابين هي الأبناء والأخوة والأصدقاء، أطفال وشباب وجنود وعمال، هم نسيج المجتمع الذي لم يسبك بالأمس ليصك بغدر المتآمرين بين ليلة وضحاها.
جراحنا أكبر من جسد، وأعمق من آهات، ولكننا في العمق نعرف أننا ندفع ضريبة الكرامة والكبرياء والشهامة، نعرف أن حلب سيف الدولة تسدد الآن فاتورة عظمتها وحضارتها، ومدنيتها ورقيها، نجمة طريق الحرير، وقنديل العلم والمعرفة والنور لم تكن يوماً ما أبداً خارج حسابات الذين يريدون لنا أن نعود القهقرى، أن تعم جاهلية الحقد والكراهية، وأن نبقى مجرد أرقام وقطيع أغنام يساق إلى المرعى ويسمن ليساق إلى المذبح وهو راضٍ مسرور.. وأكذوبة الإنسانية والحرية والديمقراطية نعرف أنها خرافة، أنها سراب، بل هي أداة الفتك الجديد.. الوطن يذبح ويدمر بطريقة ممنهجة، ليست من تخطيط هؤلاء الرعاع الذين يندفعون كأنهم الخنازير في حقول الذرة، بل خطط ذلك في مراكز الدراسات وصنع الاستراتيجيات الغربية، وبتمويل براميل الغاز والنفط أولئك الأعراب الذين نموا كالشوك في حقول الياسمين..
مال يغدق بالمليارات لتدير مقدرات سورية، ومن قبل دمروا العراق واغتالوا علماءه، ونهبوا ثرواته..
بالأمس رسالة جديدة تحمل الموت والدمار أشلاء أطفالنا تصبح عصافير ملونة بالدم، مارة وعابرون، من كل الألوان والأطياف يسقطون على مذبح الوطن… وعلى مقربة من عتبة الخلاص، رسائل الوهابية وجاهلية حمد، وصلف العثماني التائه، صحيح أنها ليست الرسالة الأولى وربما لن تكون الأخيرة، ولكنها تفضح وتعري مرسليها أكثر فأكثر.. تكشف زيف العالم الذي باعنا شعارات الإنسانية والديمقراطية، وهو لايعمل إلا تنفيذاً لمقولة الصهاينة إن مدن الشمال منذورة للخراب، مدن سورية التي عانت وستبقى حصن الأمة، ومجدها.. ويأتيك من يقول بكل صفاقة! أين المؤامرة..أين دور إسرائيل.. أين أصابعها.. أين وأين.. لم تكن بروتوكولات حكماء صهيون وهماً أبداً، بل نحن الذين صدقنا أنها وهم وخيال، أليس مايجري على أرضنا ولحضارتنا ومستقبلنا أبعد مما جاء فيها؟!.. نيرون له ألف وجه وألف شكل شروره بوجه ميدوزا العصر الولايات المتحدة الأميركية وكلاب حراستها الأعراب، لكن إشراقة النور تبقى من هنا بهما اشتد الظلام.
ومهما يكن من محاولة الولايات المتحدة الأميركية النفطية على أعمال هؤلاء المجرمين، فإنها ستذوق رسائلهم وفي عقر دارها.. وسواء أدانت أم لم تدن فلايغير الأمر شيئاً، لأننا نعرفهم ولايفاجئنا عهرهم وازدواجية معاييرهم ودموع التماسيح التي يذرفونها على ضحاياهم…
ديب علي حسن