السياسات الحكومية ساهمت في تخفيف حدة الأزمة و استمرار العمل الصناعي والتجاري وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين
أكد مدير غرفة تجارة دمشق الدكتور عامر خربوطلي لـ(الثورة) أن قطاع التجارة يعاني من ضعف في الهيكلية وفي مناخ الأعمال الناظم لعملها وانخفاض تنافسيتها، حيث يغلب على القطاعات الإنتاجية المحلية القيمة المضافة المنخفضة، مما يؤدي ـ على سبيل المثال ـ إلى تصدير المواد الأولية ونصف المصنعة على حساب السلع النهائية حيث شكلت صادرات المواد الخام على سبيل المثال 50% من الصادرات السورية عام 2010 والمواد نصف المصنعة 12% فيما لا تزيد المواد المصنعة عن 38%.
وأوضح أنه وعلى الرغم من غلبة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر بجميع قطاعاتها الصناعية والتجارية والخدمية على القطاع الخاص السوري والذي يسهم أصلاً بحوالي ثلثي الناتج المحلي إلا أن هذه المؤسسات مازالت تعاني من ضعف الدعم التمويلي والصعوبات الإدارية والإجرائية.
وبين أن نسبة التجارة الخارجية شكلت حوالي 50,4% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2010 بعدما كانت تسجل 63,6% عام 2008 أما الصادرات فشكلت في نفس العام 39,3% من الناتج المحلي وتراجعت إلى 21,3% عام 2010، لافتاً أن تداعيات الحرب التي تتعرض لها سورية كانت أقل حدة على قطاع التجارة من باقي القطاعات إلا أن تراجع الإنتاج الصناعي والتبادل التجاري أدى إلى تعميق العجز في الميزان التجاري نظراً لتوقف العديد من المصانع وعدم القدرة على إنتاج سلع قابلة للتصدير مستفيدة من تراجع قيمة العملة المحلية.
وأشار أن الحرب أدت الى صعوبات وصول العمال ومستلزمات الإنتاج إلى أماكن العمل وفقدان بعض المواد الأولية ونصف المصنعة التي كانت تنتج محلياً مع تراجع واضح في عمليات الترانزيت والإدخال المؤقت، كاشفا عن تقدير انخفاض الصادرات السورية بين عامي 2010 و 2012 بنسبة 45% أما بالنسبة للواردات فبعد ارتفاع معدلاتها عام 2011 عادت وانخفضت عام 2012 بسبب تراجع الطلب المحلي وصعوبات الاستيراد وتحويل القيم وصعوبات الشحن والنقل والتخزين، يضاف إلى ذلك ونتيجة العقوبات الاقتصادية الظالمة تدهور شروط الإنتاج وتكاليفه بالإضافة لصعوبات تأمين القطع الأجنبي اللازم للاستيراد وارتفاع الأسعار وصعوبات التسليف والإقراض وتراجع شديد في الموارد البشرية وخسارة المنتج السوري للعديد من الأسواق الخارجي.
وقال أنه ودون الدخول في أرقام وإحصائيات غير رسمية عن تراجع أعمال التجارة بشقيها الخارجي (استيراد- تصدير) والداخلي (تجارة جملة ومفرق) إلا أنها بشكل عام تعرضت لتراجع لواضح في ظل الظروف العامة للقطر ولم تعد تشارك بشكل كبير في الناتج المحلي الذي تراجع أيضاً حيث شكلت معدلات النمو مؤشرات ضعيفة جداً أو سلبية.
أما على صعيد التجارة الداخلية فقد أدى تراجع الإنتاج المحلي (الصناعي والزراعي) والمستوردات إلى ضعف المعروض السلعي من المواد في الأسواق المحلية إلا أن الملاحظ عدم حصول أزمات فقدان للسلع واضحة باستثناء سلع معينة، ومما أبقى الحالة مقبولة نسبياً ـ بحسب خربوطلي ـ هو تراجع الطلب على السلع نتيجة تراجع الدخل الفردي وارتفاع الأسعار وانتشار ظاهرة التهريب، وقد كان لتدخل المؤسسات الحكومية وكبار تجار المواد الغذائية والمستوردين أثراً إيجابياً في تأمين العديد من السلع الأساسية مقابل تراجع في الطلب على السلع غير الضرورية ودخلت العديد من السلع الضرورية غير الغذائية في جمود واضح مثل (الألبسة) وهذا أمر طبيعي في ظروف الحرب.
وأكد أن الإجراءات القسرية الأحادية الجانب التجارية والمصرفية التي تم فرضها على سورية ساهمت في تعميق تداعيات الأزمة مما أدى لصعوبات في تأمين المواد الأساسية وقطع التبديل وتصريف السلع المحلية وصعوبات المشاركة في المعارض الخارجية وتحويل القطع الأجنبي والشحن والنقل والترانزيت وحصول التاجر السوري لتأشيرات دخول لأغراض تجارية إلى معظم دول العالم.
وكشف أن القطاع التجاري تعايش مع هذه الظروف من خلال محاولة تأمين البدائل المحلية من السلع ومستلزمات الإنتاج، كما أدى تراجع الدخل الفردي إلى وضع أولويات للاستهلاك تتناسب مع الاحتياجات الأساسية المتوفرة في الأسواق، كما ساهمت السياسات الحكومية في تخفيف حدة الأزمة وضمان استمرار العمل الصناعي والتجاري والخدمات الأساسية للمواطنين ضمن الإمكانات المتاحة.
دمشق – وفاء فرج
التاريخ: الثلاثاء 19-2-2019
رقم العدد : 16913