كم مرّة ينبغي للعالم أن يَطّلع فيها على الحقيقة ليَتعلم؟ أو ليَتخذ موقفاً صحيحاً من الولايات المتحدة وسلوكها الخارج عن القانون المُتناقض مع القيم والمبادئ؟.
المعلومات، الحقائق، الأدلة المُوثقة، التي قدمتها سورية مرات ومرات، والتي أكدتها روسيا ودول، وجهاتٌ أُممية كثيرة أخرى، والتي يَتردد صداها اليوم عالياً في مُنتدى فالداي، هل يَحتاجها العالم ليَفعل؟ أم أنه رغم مَعرفته بها لا يبدو أنه سيُحرك ساكناً لأسباب تتصل بالهيمنة والبلطجة الأميركية، ولا علاقة لها بالسياسة ولا بالأخلاق؟.
الأنباءُ التي تُفيد بأن الدواعش وصلوا إلى أفغانستان وليبيا، وتلك التي تُحذر من هروبهم المُخطط له – أميركياً ربما – كما حصل سايقاً بهروبهم من السجون في العراق، وتلك التي تَتَحدث عن استعجال واشنطن الشركاء باستعادة رعاياهم من الإرهابيين المُنتمين لتنظيمي داعش والقاعدة، هل حرّضت أحداً في العالم (المُتحضر) للبحث بحيثياتها، ولاستكشاف ما تُخطط له واشنطن وخطوتها اللاحقة؟ وما خطرها وتأثيراتها المُحتملة على الأمن الجماعي، والعالمي؟!.
ربما ما قيل في فالداي من أنّه لا يوجد إرهاب مُنفلت، وإنما هناك إرهاب مُنظم مُخطط له، يَحمل كل الحقيقة، ذلك أن الولايات المتحدة هي التي تُنشئ تنظيماته، وهي التي تُدرب وتُسلح وتُمول وتُوجه، وتَستثمر فيه لخدمة أهداف مُحددة تَكبر وتَتَعاظم ببُعدها السياسي والاقتصادي عندما تَدّعي أنها تُحاربه، بينما الحقيقة تُبيّن أنها تَتخذه ذريعة لتَشن الحروب وتُهيمن وتَسرق ثروات الشعوب!.
خطابات فالداي كما كل الخطابات التي سبقتَها، كاشفةٌ للحقيقة، مُدعمة بالشواهد والأدلة، فما يَجري في التنف ليس سوى محاولة أميركية لمَنع القضاء على الدواعش وللإبقاء على التوتر هناك وفي منطقة شرقي الفرات، حيث ما زالت واشنطن تعيش وهم القُدرة على تنفيذ مُخططات التقسيم والفَدرلة!.
وما يجري من استفزازات إرهابية تقوم بها أذرع الإرهاب الأميركي بالاعتداء على المدنيين في حلب وريف حماة، انطلاقاً من مناطق انتشارها في إدلب المُتاخمة لريفي حماة الغربي والشمالي، وللأحياء الغربية بمدينة حلب، ما هي إلا مُحاولة أميركية لتَعطيل مُبادرات حلول تعمل عليها موسكو في إطار تفاهمات سوتشي وأستانا، وربما لكسب الوقت الذي لم يُسعف واشنطن ومعسكر أدواتها مرّة، وآخر ما يمكن سَوقه لتأكيد فشلها حتى باللعب والرهان على عامل الزمن المَشفوع بالإبقاء على التوتر، هو ما يَحدث حالياً بمخيم الركبان بعد فتح الحكومة السورية ممرين إنسانيين لعبور المُهجرين المُحتجزين هناك!.
الحقائقُ الماثلة الثابتة بالأدلة: من أن السعودية مصدر الفكر التكفيري ومَوطنه، ومن أن تركيا مَمره، ومن أن الخليج مُموله، ومن أن أميركا المُستثمر الأكبر فيه إلى جانب فرنسا وبريطانيا، هي كالشمس في قبة سماء ظهيرة يوم صيفي لا يُنكر وضوح مُشاهدتها سوى صهيوني يُدرك أن خدمته غاية اللعبة الإرهابية القذرة التي انتظر طويلاً نتائج مُختلفة عن تلك التي جعلها صمود سورية، وانتصارها الناجز، مُختلفة كلياً.
كتب علي نصر الله:
التاريخ: الأربعاء 20-2-2019
رقم العدد : 16914