بأل التعريف عنون الدكتور أكرم صالح مجموعته القصصية «المقبرة» موافقة اتحاد الكتاب العرب اخراج الشمعة للطباعة.. قصص قصيرة تشبه خيباتنا التي لن تموت إلا بموتنا، بقالب شبيه بالكفن حين تموت فيه الأشياء وتشعر بالخواء العاطفي، لكن الراوي حاول استقطاب الحب، مستشهدا بمن غنى للوطن ولحن له فكانت البداية من وطن الأخوين الرحباني مرورا بالراحل سعد الله ونوس وصولا إلى الشاعر محمود درويش..
(صبرا تمزق صدرها المكشوف.. كم مرة تتفتح الزهرة كم مرة ستسافر الثورة؟ صبرا تخاف الليل تسنده لركبتها تغطيه بكحل عيونها تبكي لتلهيه رحلوا وماقالوا شيئا عن العودة عادوا وما عادوا لبداية الرحلة والعمر أولاد هربوا من القبلة لا ليس لي منفى لأقول: لي وطن) من قصيدة مديح الظل العالي..
في المجموعة القصصية نشهد الإنسان على حقيقته وهو يتصارع لإثبات ذاته.. فينكرها مستسلما للخيانة ناسفا مبادئه وهذا الانتظار العقيم في قصة «دراسة جامعية» كقصة أي حب وانكسار كتبت على جدران الذاكرة… الجامعية. أما في مرآة أخرى لا تتشوه الحقيقة ولا تتجزأ لأن الموت كاتبها.
«كان صوت الرصاص ينهمر كمطر فوق رؤوسنا في يوم عاصف ويتباعد وعندما وصلنا كانت جثة أحمد تغطي الطريق ورائحة دمه القاني تملأ الهواء كنا تواعدنا على أن نلتقي قال لها: لن يأتي أحمد لن يأتي أبدا».. من قصة «خدمة إلزامية».
قبور متعددة لأرواح ضاقت فيها السبل واتسعت لشهوة الجسد؛ لكن سيأتي اليوم وتحكي العدالة ولن تفرق بين الفقير والغني, ففي قصة «بطانية عسكرية»: (وجدوا ذلك الرجل مقتولا ومحفظته الجلدية الناعمة تحت ابطه كانت صورة أمه وأبيه وتلك الرسالة وقد تخضبت جميعها بالدم وفي جيب قميصه هويته لف الجثمان ببطانية عسكرية ماركة البطة وارسل مع محفظته الجلدية الناعمة عبر الحدود مرة أخرى إلى قريته).
«المقبرة» هي صراع البقاء بين القوي والضعيف حتى في صرح تعليمي ابتدائي يشبه «المدجنة» في قصة خيالية معبرة.
مجموعة قصص تشدنا إليها تراكيبها البسيطة ومفرداتها الحيوية دون تكلف أو تصنع, رغم مرارة المشهد الروائي و ثيمة الحزن التي لا تنتهي وتبقي في صدر القارئ تنهيدة طويلة الأمد.
وحين أراد الراوي ترك ابتسامة خجولة في نهاية مجموعته في قصتي «السرفيس وأبو منير الحذاء» مرت الابتسامة مرور الكرام فما تركته القصص السابقة أبقت في ذاكرتنا صدى يقول: آه ماأتعسك أيها الإنسان.
رنا بدري سلوم
التاريخ: الجمعة 22-2-2019
الرقم: 16916