تحت هذا العنوان كتبَ آدمَ جاكسون كتاباً يبدو للوهلةِ الأولى كتاباً (خفيفاً)، أشبه بنصائِحِ (البصّارات) و(المنجّمات)، ولكنكَ حين تقرؤه بعمق تجد فيهِ ما يلفت الانتباه؛ إلى حجم الخبرة الإنسانيّة الكامنة وراءَ كل سِرّ من تلك الأسرار العشرة التي يُحدِّدها وفق الترتيب الآتي: قوّة الأفكار – قوّة الاحترام – قوّة المنح – قوّة الصداقة – قوّة اللمس- قوّة إطلاق الحُريّة – قوّة التواصل – قوّة الإخلاص – قوّة الشغف – قوّة الثقة. ويفردُ المؤلّف لكلِّ (سرٍّ) فصِلاً؛ يسوقُ أفكاَرهُ بطريقةِ (الحوار) ما يُسِّهلُ وصولهُ إلى المتلقّي بسلاسة، وقد ترجمته إلى العربيّة ليلى صالحة، ولأن من الصعوبة أن أحدّثكم عن الأسرار العشرةِ كلّها في هذهِ الزاوية فسأختار سِرّين أثّرا بي أكثر من غيرهما؛ هما (قوّة المنح) و(قوّة إطلاق الحُريّة)؛ في حديثهِ عن (قوّة المنح)؛ يُمهِّدُ الكاتب لفكرتهِ بتأكيدهِ أن على الإنسان الذي يرغَبُ في الحصول على الحب أن يُهديهِ أولاً؛ فكلما وهبتَ أكثر ستحْصَلُ عليهِ أكثر. إن الحبَّ أشبُهُ (بالكيدِ المُرتد)، فهو يرِجعُ إليكَ دائماً؛ قد لا يأتي من الشخص نفسه الذي قَدّمته له، إلا أنه سيرجعُ إليكَ مُضاعَفاً؛ وعلينا هنا أن نُدرِك (أنّ احتياطيّات الحُبّ – خلافاً للممتلكات الماديّة – غير محدودة، إننا لا نفقدُ الحُبَّ عندما نُهديه. في الحقيقة، الطريقةُ الوحيدة لضياعِهِ بداخلنا هي عندما لا نُقدِّمُهُ إلى الآخرين). الحُبّ وفقَ وجهةِ النظر هذهِ هو اكتشافُ نفسك في الآخرين، والفَرَحَ جَرّاء إدراكِها. إذاً إن أهم أسرار الحُبّ الحقيقي هو (قوّة المنح)؟ أردتَ الحصولَ على الحُبّ، ليسَ عليكَ سوى منحه! كلّما أهديتَ أكثر، حصلتَ على المزيد منه؛ إنّه يعني أن تهبَ جزءاً من نفسك دونٍ أجرٍ أو شرط. إنّهُ يعني أن تُبدي الخير ببساطة ودون أي سبب، قبل الدخولِ في علاقة لا تسأل نفسك عمّا يمكن أن يقدّمه لك ذلك الإنسان؛ شريكُكَ، بل ما يُمكِنُكَ أن تعطيهِ أنت.
الصيغةُ السريّة – كما يرى جاكسون – لعلاقةِ حُبٍّ موفّقة على مدار العُمر، هي التركيز الدائم على ما تستطيعُ أن تُعطيه، بدلاً من التركيز على ما يمكنك الحصول عليهِ! الِسرّ الثاني أسماهُ الكاتب قوّة (إطلاقِ الحُريّة) وهو سِرُّ يبدو منافياً للطبيعةِ البشريّة إلى حدٍ ما؛ يمهّدُ الكاتبُ لفكرتِهِ بقولِه (في بلدي هناك مقولة: إذا أحببتَ أحداً أطلق سراحَهُ؛ فإذا رجَعَ إليكَ فهو لك، وإذا لم يرجع فهو لم يكن مُلككَ يوماً) ثُمّ يسوقُ اعتراف امرأةٍ ذكيّة تقول:(حاولتُ إجبارَ حبيبي على الرجوعِ إليَّ، إذ طالما اعتقدتُ أنّهُ إذا رجع سيكونُ كل شيءٍ على ما يُرام)، ثُمَ تستنتج المرأة قائلةً: (بالنظر إلى الوراء أعتقد أن كُلّ ما في الأمر أنني لم أُرِدْ البقاءَ وحيدةً، لكن ذلكَ ليسَ حُبّاً، إنّه فقط الخوف من الوحشة)، ويخلصُ الباحثُ إلى النتيجةُ التي يُريدُها: إذا كُنتَ تُحبُّ أحداً أطلق سراحَهُ، إن رَجَعَ إليكَ فهو لك، وإن لم يرجع فهو لم يكن ملككَ يوماً!!
إضاءات
د. ثائر زين الدين
التاريخ: الأحد 3-3-2019
رقم العدد : 16922
التالي