ثورة أون لاين – أحمد حمادة:
من المعروف أن شارل ديغول هو الرئيس الفرنسي الذي ترأس حكومة فرنسا الحرة في لندن في أربعينات القرن الماضي، وكذلك ترأس اللجنة الفرنسية للتحرير الوطني، والتي أصبحت عام 1944 تسمى بالحكومة المؤقتة للجمهورية الفرنسية، لكن الفرنسيين أسموا لاحقاً بوارج حربهم باسمه، ومارسوا القتل والدمار تحت رايته أيضاً.
وهو أول رئيس للجمهورية الفرنسية الخامسة، وقاد مقاومة بلاده في الحرب العالمية الثانية، ومع أنه عرف لدى العرب بمناوراته الاستعمارية تجاه الجزائر، منها مشروع قسنطينة، والقوة الثالثة، والجزائر جزائرية، وسلم الشجعان، إلا أنه بنظر الفرنسيين، وطيف واسع من الرأي العالمي، الشخصية المرموقة ذات السجل الوطني الفرنسي البارز.
ولما كان الأمر كذلك فإن الواجب الوطني يحتم على الفرنسيين، حكومة وشعباً، المحافظة على إرثه النضالي الذي يفخرون به ويعتزون بتاريخه، لا أن ترتكب حكومتهم الجرائم بحق الإنسانية، وتحمل أدوات قتلها اسم (شارل ديغول) أو غيره من الأسماء الوطنية البارزة بنظرهم، وكأنها ذاهبة بمهمة لإنقاذ الإنسانية من الدمار والخراب والإرهاب.
وهذا الكلام ليس مصدره الرجم بالغيب أو التنبؤات أو اتهام حكومة ماكرون بما ليس فيها، بل هو حقيقة دامغة تؤكدها باريس بنفسها حين تعلن أنها ستحافظ على وجودها العسكري الاحتلالي في سورية، وأن حاملة طائراتها البحرية (شارل ديغول) تتجه من تولون إلى شرق البحر المتوسط للمشاركة في مسرحية تحالف واشنطن المزعوم ضد الإرهاب ومكافحة داعش، ولاحقاً التباكي على دورها الإنساني في سورية في مسرحية هزلية مكشوفة.
لكن المستعمرين يبدو أنهم لا يتعظون من تجارب مقاومة الشعوب لهم، ويستمرون بحملاتهم الاستعمارية التي كانت في الماضي تحت مسميات (الانتداب) ومساعدة الشعوب على النهوض، واليوم تحت عناوين مكافحة الإرهاب وتحرير الشعوب من الديكتاتوريات، وكي تكتمل فصول مسرحياتهم نراها قادمة تحت رايات بوارج القتل التي تحمل أسماء كبرى كشارل ديغول وجورج واشنطن الذي تمارس أميركا تحت اسمه أيضاً أبشع المجازر بحق السوريين والمنطقة برمتها.
فلا اسم جورج واشنطن أول رئيس للولايات المتحدة عام 1789، وأحد الآباء المؤسسين لها، والرمز الوطني للأميركيين، ولا اسم شارل ديغول، ولا غيرهما من رموز الغرب، يمنع اليوم أصحاب الرؤوس الحامية من العنصريين والاستعماريين في أميركا وفرنسا وبريطانيا وبقية حلفاء الغرب من المتاجرة بمأساة الشعوب والاستثمار في الإرهاب للوصول إلى تحقيق أجنداتهم المشبوهة وأجندات الكيان الإسرائيلي الإرهابية معهم.