بأنامله يصنع تاريخ الأصالة وعبق الماضي، إنه ابن الساحل السوري العم عباس كنجو (ابو سائر) الذي جعل ركناً من منزله ورشة صغيرة يفوح منها رائحة صابون الغار العريق، وفي حديث لصحيفة الثورة أثناء زيارتنا لمنزله الكائن في قرية (درميني) في محافظة اللاذقية، أشار إلى أن السوريين اشتهروا بالصابون منذ ثلاثة آلاف سنة في عدة مناطق بالساحل السوري وحلب، هذه المهنة التي انتقلت عبر الأجيال حتى أضحت من الصناعات التقليدية التي نفتخر بها.
ويؤكد أن شجرتي الزيتون والغار تُعتبران مكوّناً أساسياً في هذه المهنة، فهو يصنع الصابون من زيت الزيتون والغار ويضيف إليه مادة القيطرون وماء الورد ويوضع المزيج في حلة كبيرة ويتعرض للحرارة حتى يغلي ليتجانس ويتماسك جيداً، ثم يوضع في قالب كبير حتى يجمد ويقطع بالتساوي، ويحكي عن رحلة عمله، يقول: أذهب منذ الصباح الباكر لجني ثمار الغار (حبات الغار) والتي تتطلب الصعود للشجرة، ولأني مسن أجد صعوبة في ذلك ولكن أذهب يومياً وأقطف حاجتي، وأعمل منذ سنوات في هذه الصناعة التي ورثتها عن أجدادي وعلّمتها لأبنائي وأحفادي لتظلّ متوارثة، فهو (كار) العائلة وافتخر بذلك، إنه تراث بلدي وأجدادي.
لم يثنه عمره السبعيني عن مواصلة مسيرته في الصناعة التي ورثها عن أجداده بعنفوان الشباب، إنه يتحدى الظروف والمشقة ليحافظ على مهنة الأصالة العريقة.
الثورة – نيفين أحمد
التاريخ: الأثنين 11-3-2019
رقم العدد : 16928