الأبراج هي ظاهرة قديمة حديثة .. وقد تفشت خلال وقتنا الحالي وانتشرت مع انتشار وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي من مجلات وصحف وفضائيات حيث باتت خانة الأبراج ضرورية في برامج صباحاتنا التلفزيونية والإذاعية .. وعلى الرغم من أننا نعيش في عصر حضارة وتقدم علمي إلا أن الأكثرية يعتقدون بالتنجيم والأبراج وتأثيرها على حياتهم .. وآخرون لا يؤمنون بتأثير الأبراج على حياتهم باعتبارها خرافة .
أسباب التهافت
ما الذي يجعل الطلاب في المرحلة الجامعية يقتنون احد كتب الأبراج والإطلاع على يومياته .. ربما ما يعانيه الشباب على الخصوص حاليا من أزمات في الحصول على عمل أو فيما يخص العاطفة مما يدفعهم إلى الهروب لقراءة الأبراج بدافع التسلية .. وإنما هو إرضاء للنفس وربما ذلك سيجعلهم يعتمدون فقط على ما يتوقعه الفلكيون في كتب الحظ لسنة بأكملها و يسيرون حياتهم اليومية انطلاقا من التوقعات.
تقول سارة .. أنا اتابع الأبراج يوميا حتى لكنها ليست هاجسا لدي وأتابعها على إحدى المحطات التلفزيونية دائما وأترقب ما سيقع لي وأربط مصيري بما أقرأه في برجي.. وهي مسألة تجعلني مقيدة في تصرفاتي وخروجي من المنزل .
ومن جهته باسم وهو طالب ثانوية.. يقول أنا من مواليد برج الأسد وبرجي مطابق لشخصيتي كما قرأت الصفات العامة لهذا البرج .. لكن الأبراج ليست من ضمن اهتماماتي وفي بعض الأحيان عندما أقرأ ما يخص برجي أجده تارة صحيحا و تارة أخرى غير صحيح .. ويخالفه الرأي صديقه رامي حيث قال أنه يؤمن بالأبراج ويتابعها يوميا من خلال كتيب اقتناه وهو من تأليف عالمة الفلك ماغي فرح .
وتقول رانيا وهي طالبة جامعية .. أنا لا أؤمن بتاتا بما ينشر بخصوص الأبراج كونها لا تعتمد على ضوابط علمية وتبقى مجرد كلمات يربطونها فيما بينها.. أما هبة وهي مدرسة فتقول بأنها تعتبر قراءة الأبراج للتسلية فقط ولا تتابعها بشكل يومي ومن باب الفضول تستمع إلى توقعات برجها على اليوتيوب في بداية العام .
وتضيف ريتا فتقول .. كل يوم قبل أن أخرج من البيت أقرأ برجي على الفيسبوك من خلال صفحة أحد الفلكيين المعروفين وأحيانا اذا حدثت معي مشكلة أرسل له هذه المشكلة من خلال الماسنجر وهو بدوره يقوم بالرد علي وأنا أصدقه وأتفاءل كثيرا بكلامه .
قراءة الفنجان
.. وغير ذلك نرى الكثير ممن يذهبون إلى منزل الشيخ الفلاني للتنبؤ بالمستقبل .. تقول نور وهي طالبة جامعية ذهبت إلى بيت أحد الشيوخ في مدينتي عله يتنبأ لي بانفراجات لمشاكل تعترضني في مجال دراستي وحالتي العاطفية .. والمكان مكتظ بأناس من أعمار مختلفة وعندما خرجت من عند الشيخ شعرت براحة نفسية لأنه قال لي إنني سأنجح وأموري العاطفية ستكون على ما يرام .. وقد أخبرت صديقاتي بما حصل معي وفي اليوم التالي ذهبن إلى ذلك الشيخ ولديهن إيمان بأن أمورهن ستفرج..
وتقول حنين وهي طالبة بكلوريا أنها علمت من صديقتها بوجود امرأة في حيهم تقرأ الفنجان مقابل مبلغ مالي .. فذهبت إلى منزلها مصطحبة معها والدتها لترى إن كانت ستنجح في الشهادة الثانوية .أما بالنسبة لوالدتها فقد ضاع منها مبلغ من المال وقصدت قارئة الفنجان لترى لعلها تجد ضالتها.
بصارة براجة
منذ صغري أتذكر شكل بعض النسوة اللواتي يقصدن البيوت من أجل التبصير وفتح الفال وكانت أمي وجاراتها يسمحون لتلك البصارة أن تقول ما عندها.. واليوم أرى نفس الظاهرة تتكرر في مدينتي واراهن كل صباح على الكورنيش يلاحقن كل من يرونه من أجل التبصير والمفاجأة أنني رأيت من يستجيب لهن لقراءة الفال من خلال الكف مقابل مئتي ليرة .. يقول يزن وهو طالب بكالوريا بأن البصارة أخبرته بأن خبرا سار سيصله من إنسان يحبه, وحذرته من رفاق السوء الذين لا يريدون الخير له .. كذلك الأمر بالنسبة لريما الصبية الجامعية التي تنتظر أخبارا من حبيبها والتي سلمت كفها لتلك البصارة تقول ريم أخبرتني البصارة أنه سيأتيني خبر مفرح ولكن تلك البصارة كاذبة مرت ايام ولم يصلني أي خبر .. وبنفس السياق يقول العم أبو محمد أنا لا أؤمن بالتبصير لكن بينما كنت أقف واتأمل البحر وجدت البصارة بقربي وبعد إلحاح سلمتها كفي فقالت لي تواجهك بعض المشاكل المادية، ومن منا لا يواجه مشاكل مادية وقد خاطبتني بأسلوب الناصحين فقالت لي انتبه وكن حذراً فصحتك أغلى ما تملكه .
المختصون
بناء على دراسات نفسية واجتماعية عدة فقد توصل علماء النفس لأسباب تصديق وإيمان البعض في توقعات الأبراج من خلال قوة تأثير العقل الباطن على المشاعر الإنسانية فكما يفترض علماء النفس فإن ما يخبر الإنسان به عقله الباطن من أحاسيس ومشاعر يقع ..فإن أقنعته بتصديق توقعات الأبراج سيفعل ،وإن أقنعته بأنها مجرد مصادفات سيفعل .. إنه تأثير العقل الباطل ما يحدث به نفسك سيقع أو ستشعر به.
كذب المنجمون ولو صدقوا
ختاما أقول إن المنجمين قد يصدقون أحيانا في توقعاتهم لكنها مجرد صدفة ..
ولا يمكن لهم التنبؤ بالمستقبل الذي هو علم عند الله .. وعلينا أن نكون متحكمين بحياتنا ولا نجعل التنبؤات تتحكم بها.
ابتسام هيفا
التاريخ: الأربعاء 20-3-2019
الرقم: 16936