لعلّ صورة الإسرائيلين وهم يهرعون إلى الملاجئ وصوت صفارات الإنذار وفشل منظومة القبة الحديدية في الدفاع عن الإسرائيلين يؤكد للعالم بأن الشعب الفلسطيني ماض في نضاله ومعركته من أجل استعادة أرضه المسلوبة.
إذاً هي الصواريخ الفلسطينية التي تطلق من غزة وتستهدف تل أبيب لأول مرة منذ عام 2014، فصوت صفارات الإنذار الذي دوى و علا على كلّ الأصوات يوم الخميس الماضي في تل أبيب محذراً من سقوط القذائف الصاروخية في جميع أنحاء إسرائيل لينبه المستوطنيين إلى الإسراع في الاحتماء في الملاجئ هرباً من الصواريخ الفلسطينية، حيث أظهرت مقاطع الفيديو نشرها الإسرائيليون عبر شاشات التلفزة الشوارع الفارغة من المارة و المحلات المغلقة، واستولت على صفارات الإنذار (الشفرة الحمراء) ، التي تستخدم للتحذير من الهجمات الوشيكة.
بينما قال قادة الجيش الإسرائيلي إنه لم ترد أيّ تقارير عن وقوع أضرار أو إصابات نتيجة سقوط الصواريخ، وكعادتها إسرائيل امتصت الموقف وحاولت التعتيم على ما جرى وتصويره على أنه حدث عابر وغير مثير للقلق، و تعمدت وسائل الإعلام الإسرائيلية عدم الإعلان عن كمية الهلع والخسائر والأضرار التي ألمّت بتلّ أبيب بشكل خاص وبإسرائيل ككل وسط توجيه أصابع الاتهام بإطلاق الصواريخ لحركة الجهاد الإسلامي.
إسرائيل التي لملمت أضرارها قامت على الفور باستهداف المدنيين الفلسطينيين بشكل عشوائي، ففي غزة سمع دوي انفجارات في شمال وجنوب قطاع غزة حسب شهود عيان فلسطينيين قالوا إن الطائرات الإسرائيلية قصفت موقعين أمنيين، ومع تصاعد التوترات في غزة بسبب رد إسرائيل القاسي على ما حدث ترأس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اجتماعاً عاجلاً مع كبار المسؤولين العسكريين لمناقشة الردّ الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، حسبما ذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية.
ففي تقرير للأمم المتحدة صدر منذ فترة قريبة يعاني أهالي غزة نتيجة الحصار الإسرائيلي من محدودية فرص الحصول على المياه النظيفة والطعام الجيد، ويتعين عليهم التعامل مع النظام الصحي المنهار نتيجة الحصار المفروض عليهم.
إسرائيل حملت حركة حماس المسؤولية عن الصاروخين لأنها (الجهة الرئيسية في قطاع غزة) وتوعدت أهالي غزة بالانتقام والرد السريع هذا وبعد حالة الهلع والخوف التي أصابت الجيش الإسرائيلي أصدر بيانه المضطرب وهو أن صاروخين أطلقا مساء الخميس (14 آذار/ 2019) من قطاع غزة على منطقة تل أبيب، نافياً سقوط ضحايا أو وقوع أضرار، وقبيل إعلان الجيش الإسرائيلي بيانه، دوت صفارات الإنذار في تل أبيب ومحيطها، حيث قال البيان الإسرائيلي أنه لا يعرف من أطلق الصاروخين لكنه حمّل حركة حماس المسؤولية، وقال كبير المتحدثين العسكريين الإسرائيليين لراديو إسرائيلي (لا نزال نتحقق من الجماعة التي أطلقت (الصاروخين)، نحن لا نعرف من نفذ ذلك، وأضاف (حماس هي الجهة الرئيسية في القطاع، هي مسؤولة عما يحدث داخل القطاع وما ينطلق منه).
من جانبها نفت حركة حماس في قطاع غزة يوم الخميس مسؤوليتها عن إطلاق صاروخين على إسرائيل، قائلة إن الهجوم وقع بينما كانت تعقد محادثات بشأن هدنة مع وسطاء مصريين، كما ذكر موقع (تايمز أوف إسرائيل) الإخباري في تغريدة أنها المرة الأولى التي تسقط فيها صواريخ على تل أبيب منذ حرب عام 2014، وأشار الموقع إلى أنه ليس من الواضح ما إذا تم تفعيل منظومة القبة الحديدية.
وبيد أن وزارة الخارجية نشرت شريطاً مصوراً قالت إنه يظهر منظومة (القبة الحديدية) المضادة للصواريخ تدمر أحد الصاروخين (فوق منطقة تل أبيب). وأظهر الشريط أيضاً صاروخين يحلقان في الأجواء فوق مبانٍ عالية مع سماع صفارات الإنذار، وقال رئيس بلدية تل أبيب رون هولداي لقناة إسرائيلية رسمية قائلاً : (إنه يبدو أن أحد الصواريخ سقط في البحر وسقط الآخر في مكان ما، ولكن ليس في تل أبيب) محاولاً إنكار ما حدث، هذا وتبعد مدينة تل أبيب 70 كلم شمال قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس، ففي تشرين الأول الماضي سقط صاروخ أطلق من غزة في البحر قرب تل أبيب فيما سقط آخر في مدينة بئر السبع الأكثر قرباً من غزة والواقعة جنوب إسرائيل، ورداً على ذلك، استهدفت إسرائيل وقتها عشرين موقعاً في غزة ما أسفر عن مقتل العديد من المدنيين الفلسطنيين الأبرياء، وأغلقت إسرائيل وقتها معابرها مع غزة ما زاد من عزلة القطاع المحاصر أصلاً.
بقلم أوليفر هولمز
ترجمة غادة سلامة
التاريخ: الخميس 21-3-2019
الرقم: 16937