عَزَلَ الجولان السوري المحتل الولايات المتحدة، فمن الاتحاد الأوروبي إلى بريطانيا التي لم تَجد حتى الآن سَبيلاً للخروج منه، إلى روسيا، مروراً بالصين وأغلبية آسيا، وأفريقيا، كانت المواقف السياسية جَليّة واضحة من حماقة دونالد ترامب، الموقفُ الذي لم يُندد استنكر، والذي لم يَستنكر حَذر، والذي لم يُحذر أكد سورية وعروبة الجولان هوية وانتماء، في التاريخ قبل الجغرافيا.
حتى المُنافقين المُتعددة انتماءاتهم، الأعضاء في حلف العدوان، الذين شاركوا بالحرب على سورية، كان لهم مَواقف واضحة أسهمت بتَظهير عُزلة أميركا، وبقي الأعراب من بني سعود ومن المُلتحقين بهم وحدهم بلا مَوقف، يُصفقون في سرهم، غير أنهم يَتهيبون مواجهة العزلة مع سيِّدهم، وبالوقت ذاته لا يَجرؤون على مُخالفته حتى لو كان نفاقاً!.
أيباك الذي اشتغل طويلاً، منذ جون ماكين، مع مجموعة العمل داخل الكونغرس «ليندسي غراهام – تيد كروز وآخرون» بالتنسيق التام مع ديفيد فريدمان، يَعتقد أن النتيجة التي لاحَقَهَا حَصَّلها بسهولة وأتت سريعة باستجابة ترامب إن لجهة الخطوة الحمقاء باتجاه الجولان السوري المُحتل، أم لجهة الخطوة السابقة بإجراء نقل السفارة إلى القدس المحتلة.
العملُ الذي تَستكمله مجموعة من المُحافظين الجُدد بإعداد وثيقة الاعتراف التي قد يُهديها ترامب لنتنياهو بعد توقيعها، يَتواصل في واشنطن بزخم صهيوني كبير، لكنه باستمراره، وبخطواته المُتسارعة من المُتوقع أن يَستكمل العُزلة الدولية التي ستُطبق على واشنطن، لتُظهر عُهر قادتها وسياستها، ولتُبدي حقيقتها وتُعريها مرّة واحدة، على أنّ المُهم هو ما سيأتي بعد العزلة!.
هل مرّت خطوة ترامب الحمقاء باتجاه القدس لتَمر حماقته الجديدة باتجاه الجولان؟ وهل ما زال صهاينة البيت الأبيض يَعتقدون بأهلية سَلمانكو وابنه كطرف يُعتمد عليه بإنجاز صفقة القرن؟.
أيُّ حماقة تَرتكبها إدارة ترامب وهي تُقدم على ما أَحجمت عن ارتكابه إدارات سابقة لم يَنقصها الولاء للكيان الصهيوني، ولا الانحياز التام له بتغطية جرائمه ومجازره واعتداءاته، ولا الالتزام بأمنه ومَشروعه التوراتي المزعوم؟.
الجولان السوري المحتل عزلَ أميركا، وبالعُزلة التي يَفرضها سيَفتح الجولان المجال واسعاً ليس فقط لطرح التساؤلات الأكثر صعوبة، بل سيَفتح بوابات مرحلة جديدة من الإنصاف فَتحها في هذا التوقيت، بعد حماقة ترامب، لكن أيضاً بعد هزيمة مشروع استهداف سورية التي سجلت الانتصار الأهم في التاريخ ليس فقط على الإرهاب الأميركي الصهيوني الوهابي الأخواني، بل على مشاريع التقسيم والتجزئة، لتُسقط مُخططات التهويد والهيمنة.
الانتصارُ السوري الناجز بالتعاون مع الأصدقاء والحلفاء هو انتصار أصيل، لا يمكن سَرقته، تَحقق بالعزيمة والإرادة، بالدم بالبطولة وبالثَّبات، وإنّ الانتقام منه بارتكاب الحَماقات، وبالتعبير عن فقدان السيطرة على الأعصاب المُرهقة، هو الجنون ذاته الذي يُهيئ لانهيارات كُبرى بمنظومة العدوان وحلفها الشرير .. سنَضرب مواعيد جديدة للنصر في الجولان، متحفزين للنُّزهة على ضفاف بحيرة طبريا.
علي نصر الله
التاريخ: الأثنين 25-3-2019
رقم العدد : 16939