الملحق الثقافي.. عقبة زيدان
اعتدنا على أن نميز أنفسنا ونميز الآخر باعتباره مختلفاً عنا. من هو الآخر؟
في الفلسفة وعلم النفس وعلم الاجتماع، يكون الآخر هو كل ما عداي. وهذا ليس عادلاً وليس صحيحاً.
الآخر: هو طيف واسع من البشر، يتسع ويضيق حسب رغبتي وقصدي. ولكن هذا حكم اعتباطي؛ إذ إن الآخر – وليكن على سبيل المثال هو الغرب – ليس كتلة واحدة لا أيديولوجياً ولا أخلاقياً ولا فكرياً. فهناك في الغرب من هو «أنا»، بمعنى أن «الأنا» هي كل ما يمثلني ويتفق معي ويناسب تياري الفكري والإنساني. وبنفس المعنى، هنا في مجتمعي العربي، من يناقضني فكرياً، ولا يدخل في أناي. وهكذا ينزاح مفهوم الأنا والآخر، ومن ثم يحتاج إلى إعادة موضعة وتصنيف وفهم أيضاً.
هناك معضلة أخرى، تتمثل في أن «الأنا» نفسها ليست كتلة واحدة أيضاً، ولا يمكن أن نطلق عليها «آخر»، فمثلاً يكون فولتير – وفولتير هو ضمن الآخر في مفهومي- «أنا» تمثلني في بعض الأفكار الإنسانية، ويكون «آخر» يناقضني في بعض الأفكار الأخرى. بينما يكون هرمان هيسه «أنا» تطابقني، وتخرج من حظيرة «الآخر».
والمعضلة الأكبر، هي أن «أنا» أنا نفسي، هي «آخر» بالنسبة إليّ في بعض الأحيان، و»آخر» يناقضني ويرفضني.
في عالم محكوم بالحركة والتغير، تغدو المفاهيم بحاجة إلى تحريك وتغيير أيضاً، وبسبب تكريسها والمحافظة عليها وتعزيزها، غدت صلبة وصعبة التحطيم. إنها الآن أوثان صلدة بوجوه متجهمة.
التاريخ: الثلاثاء26-3-2019
رقم العدد : 16940