أيقونات لا قصاصات

تعاون عالم الشر علينا، ينظرون لنا بازدراء، لا تعجبهم وجوهنا، ولا عقولنا ولا حتى طرائق تفكيرنا. يحاولون إبادتنا، أو على الأقل محو هويتنا لنصبح شعثاً، مذ ورثوا تركة الرجل المريض. كنا أهم جزء في تركته، تقاسمونا كأننا كعكة اليتيم.
سلبوا قرار معظم الدول (بعد استقلالها) من عبوديتهم واحتلالهم، ورضي كثير من الحكام أن يكونوا غنماً، تسير خلف المرياع الأمريكي، الذي لا يتحرك إلا إذا حرك الحمار الصهيوني حوافره للأمام، لذلك هالهم أن تكون سورية ذات قرار مستقل.
وأكثر ما رَاعَ الجميع؛ من أول الحمار لآخر القطيع، أن تبقى فلسطين أيقونة العرب هي بوصلةُ سورية، لأنها الجذر الممتد رسوخاً في شرايين أهل الشام، والتي لأجلها دخلت سورية حروباً، وسُرِقت منها أجمل أيقوناتها، الجولان المحتل الصامد الأبي.
كل محاولاتهم في تحطيمنا وتهميشنا، ليجعل منا مقصهم قصاصات بشرية، تذروها رياحهم مرة نحو البترودولار، فنسمع ونومئ برؤوسنا طائعين، ندور في فلكهم ولا نخرج عن جاذبيتهم، وأخرى تقام علينا عصا الطاعة، إن كان سبيلنا العصيان.
رفع ترامب قصاصته موقعاً على هديته التي لا يملكها؛ القدس الشريف، مقدماً إياها لمن لا يستحقها، عدو غاصب سارق مارق، ترامب الخاسر الأكبر في الحرب على سورية، يصرح بإهداء الجولان للكيان المحتل، حفظاً لماء وجهه أمام معارضيه..
قصاصة جديدة يخط عليها توقيعه الكريه، يحاول بها -شلَّت يمينه ويسراه- سرقة أيقونتنا الغالية، المعلقة في أعناقنا مهما توالت الأجيال، لنستعيدها لأنها لنا، أرضنا التي تحفظ حقنا بها المواثيق والشرائع الدولية. التي لا يأبه بها السُرَّاق المارقون.
عندما كان العدو الصهيوني يمارس أي فعل إرهابي، ضد أهلنا في الداخل الفلسطيني أو تُنْتهك حرمة أي دولة عربية فعلاً أو قولاً، تلميحاً أو تصريحاً، كان الشعب السوري يهب كالإعصار ليملأ شوارع الوطن، معلياً صوت الحق حتى لو كان وحده بدايةً.
ثم كانت تتنادى الشوارع العربية لتمتلئ بالجماهير الغاضبة، وتتداعى الشوارع الأخرى بالمسلمين وأحرار العالم، المدافعين عن الحق الفلسطيني، لأنهم يرفضون احتلالها، وتشتيت أهلها، وانتهاك حرمة القدس المسيحية المسلمة، بوابة المحبة للأبد.
بعد احتلال أمريكا العراق وتسونامي الربيع العربي، انتَفَتِ النخوة المنادية بحقوق الشعوب، تشتت الرأي العربي، وخبا صوت الأحرار في العالم، بعد أفعال إرهابية إلهائية هنا وهناك، وبدأ زحف بعض حكام العرب نحو أعتاب ترامب ونتنياهو.
استغل ترامب هشاشة الأنظمة العربية، خاصة الخليجية منها، فبدأ بحلب البقرة مُصِرَّاً حتى آخر قطرة بترول وآخر دولار، ليعود أصحاب العباءات المذهبة للتحفي على الرمال التي لم يبنوا عليها مستقبلاً لبلادهم، يعتقهم وشعوبهم من النير الأمريكي.
عندما توالت انتفاضة الشعب الفلسطيني مرة إثر مرة، مع تغير المفاعيل وأدوات الشعب الفلسطيني المستخدمة ضد المحتل الصهيوني، واستمرار الانتفاضات لمدد زمنية متفاوتة، كان العنف والإرهاب الصهيوني الممارس دافعاً لاستمرار النضال.
بدأت المقاومة العربية تساند أهلنا داخل فلسطين، حتى تبلورت صورتها، كما نراها اليوم مع الحق الفلسطيني، واستعادت جنوب لبنان المحتل، واستعادت الأسرى ضمن صفقاتٍ تُخْضِعُ المحتل الصهيوني لإرادة المقاومة، التي أصبحت ظهيراً حامياً لهم.
المقاومة التي فتحت جحور المستوطنين؛ مع أي صوت لقذيفة من غزة أو جنوب لبنان أو أي مكان آخر، أعطت دفعاً للمناضلين الفلسطينيين، لتزدان بأرواحهم الجنان وبصورهم تاريخ فلسطين المتحررة عاجلاً أم آجلاً، أيقونات أبدعتها دماء الشهداء.
عمر أبو ليلى أيقونة جديدة تضاف إلى أيقونات سورية وفلسطين، كل شهداء سورية هم لأجل دفع الغاصب المحتل خارج الحق الفلسطيني، وحق سورية في الجولان، لعل إصدار ترامب الأخير عن الجولان، هو لإفقاد ملحمة أبو ليلى عظمتها وتحويل الأنظار عنها، وإشغال الرأي العام خارج حدود فلسطين وتطمين الداخل الصهيوني.
البيت الداخلي الفلسطيني يعيش اليوم فرحة أبو ليلى، والمحتل الصهيوني يعتقل أخا الشهيد ذي السنوات السبع، ويتباهون بعمليتهم المخططة تقنياً لاعتقال الطفل، وهو الأمر الذي يستشري به نتن ياهو أمام ناخبيه لكسب صندوق الاقتراع، وهذا ما دعاه يزغرد ويهتف لتغريدة ترامب المناصرة له في انتخاباته، التي لا يعلم بها ترامب.
الجولان لا تفريط بذرة من ترابه، وليستعد العدو الصهيوني لفتح جحوره وملاجئه لمستوطنيه، ولن ينفي قرار ترامب فساد نتن ياهو أمام محاكم كيانه، وسينقلب المجن عاجلاً أم آجلاً على ترامب في البيت الأبيض، حتى لو ملأ الخزائن بمال قارون.
لن نكون قصاصات بشرية نحن سنديان؛ ونخيل ضارب في عمق الأرض، وستبقى أيقوناتنا البشرية تزين تاريخنا الماضي والحاضر والمستقبل، ويظل البيت السوري قوياً وقادراً على تثبيت دعائمه، واستعادة غرفه المسروقة، وقطع أيدي السُرَّاق.
إضاءات
شهناز فاكوش
التاريخ: الخميس 28-3-2019
رقم العدد : 16942

آخر الأخبار
غصم تطلق حملة نظافة عامة مبادرة أهلية لحفر بئر لمياه الشرب في معرية بدرعا السيطرة  على حريق ضخم في شارع ابن الرشد بحماة الجفاف يخرج نصف حقول القمح الإكثارية بدرعا من الإنتاج  سوريا نحو الانفتاح والمجد  احتفال الهوية البصرية .. تنظيم رائع وعروض باهرة "مهرجان النصر" ينطلق في الكسوة بمشاركة واسعة.. المولوي: تخفيضات تصل إلى 40 بالمئة "الاقتصاد": قرار استبدال السيارات مزور مجهولون في طرطوس يطلبون من المواطنين إخلاء منازلهم.. والمحافظ يوضح بمشاركة المجتمع الأهلي.. إخماد حريق في قرية الديرون بالشيخ بدر وسط احتفالات جماهيرية واسعة.. إطلاق الهوية البصرية الجديدة لسوريا الشيباني: نرسم ملامحنا بأنفسنا لا بمرايا الآخرين درعا تحتفل .. سماءٌ تشهد.. وأرضٌ تحتفل هذا هو وجه سوريا الجديد هويتنا البصرية عنوان السيادة والكرامة والاستقلال لمستقبل سورية الجديدة الهوية البصرية الجديدة لسورية من ساحة سعد الله الجابري بحلب وزير الإعلام: الهوية البصرية الجديدة تشبه كل السوريين خلال احتفالية إشهار الهوية البصرية الجديدة..  الرئيس الشرع : تعبر عن سوريا الواحدة الموحدة التي لا ت... رئيس اتحاد العمال: استعادة الدور النقابي المحوري محلياً وعربياً ودولياً تطوير البنية التحتية الرقمية بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي تمثال الشهداء..  من ساحة سعد الله إلى جدل المنصّات.. ماذا جرى؟  الفرق النسائية الجوالة .. دور حيوي في رفع الوعي الصحي داخل المخيمات