انتهى لقاء موسكو الذي جمع إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رأس النظام التركي الضامن للمُرتزقة الإرهابيين في مسار آستنة، إلى لا شيء، وهو ما يَجعل الاستنتاج مَشروعاً من أنّ الاجتماع المُقبل للدول الضامنة لن يَكسر الحالة الشاذّة التي يُجسدها نظام اللص أردوغان الذي إذا كان لم يَحصل على ما يَتوهمه لجهة استمرار احتلاله لعفرين ولإمكانية التَّمدد بناءً عليها، فإنه سيَكتشف سريعاً – ربما – أن تَعطيل الاتفاق والتفاهمات القائمة بين الدول الضامنة لا يَعني بمُطلق الأحوال القَبول باستمرار الوضع على ما هو عليه.
مسارُ آستنة، أصلاً كان واستمر لا ليَمنح التنظيمات الإرهابية فُرص مُواصلة ارتكاب الجرائم والنشاطات الإرهابية، ولا ليُناقش سيناريوهات الوَهم المُقيمة في رؤوس البعض إن لجهة مَشاريع التقسيم والفَدرلة أم لناحية القَبول لاحقاً بمُشاركة الإرهابيين في العملية السياسية التي يُستخدم عنوان تشكيل لجنة مناقشة الدستور لدَسِّهم فيها!.
طبيعيٌ أن نُوضح، بل من وُجوب الواجب أن يَفهم اللص أردوغان وسواه، بأنّ هذا المسار لم يَنشأ ليَمنح تركيا أوراقاً سياسية، ولا ليَجعلها طرفاً في الحل، بل إنه لم يَشأ جَعلها جزءاً منه إلا لأنها كانت وما زالت جزءاً أساسياً من المشكلة، وفضلاً عن أنها ساهمت بتمرير الإرهابيين وتدريبهم وتذخيرهم وتبنيهم ودعمهم طوال سنوات الحرب والعدوان، ما زالت تَحتضن قادتهم وتُوجه الحُثالات المُرتزقة على الأرض وتُحرضهم وتمدهم بالسلاح والذخائر.
مسارُ آستنة نشأ ليُعطي فرصة لتَسوية تتكامل الحركة باتجاه إنجازها بالعمل السياسي والعسكري، على التوازي، وعلى أُسس مُحددة قَوامها التفاهمات الناجزة التي تؤكد أهمية ووجوب اجتثاث الإرهاب وفصائله ولا سيما المُنتمية لتنظيمي القاعدة وداعش ومُشتقاتهما، والتي تُشدد على وحدة وسيادة سورية.
مُحاولة التَّعطيل الأردوغانية لا شك أنها تتكامل مع محاولات واشنطن – بما تُمثله كمَركز قيادة لتحالف العدوان – إحياء أذرعها الإرهابية، وأوهام المربع الأول التي تُسجل الرغبة بالعودة لها سواء بتصعيد نبرة التهديدات والنَّبش بملفات الكذب والفبركة، الكيماوي حالة، أم استغراقاً بسياسات العدوان، الجولان مثالاً، أم بفرض إجراءات جديدة تتصل بالحصار والعقوبات الاقتصادية، المُشتقات النفطية أُنموذجاً.
أَخذنا عِلماً، نحنُ في سورية وكل من مَعنا في خَندق مُحاربة الإرهاب ومُقاومة الاحتلال -أَخذنا عِلماً- بالتعطيل التركي المُبرمج المُتوافق مع الخطوات الشيطانية الصهيوأميركية، ولكن، يَنبغي لأردوغان ومُشغليه ولباقي أطراف مَنظومة العدوان أن تَأخذ عِلماً، بأنّ من أدار بنجاح مَعركة الحصار والعقوبات مُعتمداً على صمود الشعب السوري وقُدراته الذاتية، سيَنجح بتَخطي إجراءات التضييق الحاليّة، وما قد تُفكر به واشنطن وأتباعها لاحقاً.
وعلى حلف العدوان أن يَأخذ عِلماً، بأنّ من نَجح بإدارة معركة الجنوب، اجتثاثاً للإرهابيين، وإسقاطاً لكل ما طُرح من إقامة مَنطقة عازلة، حزام أمني، شَريط فاصل، سيَنجح بإسقاط أوهام أردوغان في إدلب وشمال حلب وصولاً للرقة ولآخر نُقطة على امتداد الحدود شرقاً وشمالاً، وليَأخذ عِلماً كل من يَتوهم خلاف ذلك بأنّ أيّ تَعقيدات على هذا المحور لن تَرقي لما كان يُحكى عن تَعقيدات قائمة كانت تَلف مَعركة الجنوب!.. مَن يَتذكر؟.
كتب علي نصر الله
التاريخ: الأربعاء 10-4-2019
رقم العدد : 16953