لا خلاف على أن العدوان على وطننا قد أفرز العديد من الأزمات والتبعات السلبية على الصعد المختلفة وكان أبرزها نزيف أهم الموارد فيها ألا وهو العنصر البشري الكفوء القادر على استثمار باقي الموارد والثروات والسير بها على طريق التنمية والتقدم، وقد تعددت الأسباب وراء هذا النزيف الحاد في الكفاءات ومن أهمها هجرة العقول جراء ظروف الحرب وأحياناً نتيجة لانخفاض الأجور والرواتب وعدم تقدير الكفاءات ووضعها في المكان المناسب.
هذا النقص في الكوادر البشرية ذات الكفاءة حدا بالقائمين على بعض المؤسسات والجهات الحكومية إلى الاستعانة ببعض العناصر البديلة من داخل المؤسسة لسد النقص، ولكي تبوّأ بعض المواقع الوظيفية الشاغرة وإن كانت لا تتمتع بالقدر الكافي من الأهلية والكفاءة لشغل ذلك الموقع ودون حتى إخضاعها لبرامج تأهيل وتدريب ترفع من مستوى قدرتها وكفاءتها لتستطيع القيام بمسؤولياتها ومهامها على الوجه الصحيح.
ولا يخفى على أحد أن ذلك سيؤدي الى حالة من الترهل الإداري وتراجع مستوى الإنتاجية والخدمات لهذه الجهات بحسب نوعية المهام والأدوار الموكلة إليها وهو ما بدأنا نلمس نتائجه في تراجع أداء بعض المؤسسات في هذا الظرف التاريخي الحساس الذي نحن أحوج ما نكون فيه إلى استثمار عامل الوقت باعتباره التحدي الأكبر للمضي قدماً في تجاوز آثار الحرب وتحقيق مستويات جيدة من الإنتاجية والنمو، ولا وقت فيه للتجريب والمماطلة والتسويف، ونستطيع في هذا السياق أن نذكر على سبيل المثال ما يتم الحديث عنه من زيادة في الأخطاء الطبية في عدد من المشافي العامة وغيرها.
لا بد من العمل سريعاً على تدارك الأمر من خلال إجراء مسح شامل للكفاءات السورية وحجمها ومواقعها وظروف عملها ووضع سياسات للحفاظ على ما تبقى من أصحاب الكفاءات والخبرات داخل القطر ووضع الإجراءات المناسبة التي تمكننا من الاستفادة منها وفقاً لمبدأ وضع الشخص المناسب في المكان المناسب (وإن كان من خارج المؤسسة) وإعادة النظر بصورة جذرية في سقف الأجور والرواتب التي يجب أن تمنح للكفاءات العلمية والتخصصية وتوفير المتطلبات الاجتماعية والاقتصادية لها.
هنادة سمير
التاريخ: الأربعاء 10-4-2019
رقم العدد : 16953