ثمة ظاهرة اتسعت دائرة انتشارها، وتصبح أحياناً مصدراً للقلق، وهي عندما يرتبط التقويم بالمصالح الشخصية فيقوم البعض بتلفيق المعلومات والوقائع لتسويد صحائف غيرهم ويذهبون إلى أبعد من ذلك عندما ينسجون قصصاً وحكايات للشخص المستهدف كي يصبح من رموز الفساد بعد أن كان مثالاً للنزاهة، ويصبح مهملاً وفاشلاً في عمله بعد أن كان بطل إنتاج، ويصبح منحرفاً وله علاقات غير أخلاقية بعد أن كان مثالاً للشرف والأخلاق العالية.
أما الوجه الآخر لهذه الظاهرة فهو أكثر خطورة عندما يرتبط كل هذا التحول بفعل ما أصاب صناع الملفات الملفقة، كأن يقوم فجأة موظف ليهاجم مديره ويكون الدافع هو إعفاء الموظف من عمل أو مهمة ما لأسباب موجبة. أو أن يتهم مدير مدرسة كل المسؤولين لأنه أعفي من الإدارة لفشله، أو أن يصبح الوزير فاسداً لأنه أعفى مديراً أو حتى عاقب موظفاً لأسباب موضوعية وموجبة أيضاً. الأمر ببساطة أن البعض يتوهمون بأنهم بمنأى عن المحاسبة وأنهم وحدهم الذين يسألون ولا يجوز أن يسألهم أحد. ينتقدون ويلفقون على من يعمل وهم لا يعملون، يتصيدون أخطاء غيرهم بينما ممارساتهم الخاطئة متراكمة كالجبال.
وإذا كان أحد أهم عوامل انتشار هذه الظاهرة السقف المفتوح لوسائل التواصل الاجتماعي فإن الأهم والأخطر هو السقف المفتوح أيضاً لدى بعض الجهات الرقابية وبعض أصحاب القرار لأن من يستقبل أو يسمع دون أن تكون لديه وقائع ومعطيات مؤكدة يتيح لمثل هؤلاء أن يستمروا في التضليل والتلفيق لدرجة أننا في بعض الأحيان يذهب بنا الظن إلى أن القوة الغالبة هي قوة التضليل والتلفيق وتسويد صحائف الآخرين من أجل تبييض صحائف الانتهازيين. وفي وقائع الحياة اليومية سواء على الفيسبوك أم من خلال التقارير الكيدية أمثلة كثيرة عن الذين يتعرضون للسهام الطائشة المسمومة.
هذه الظاهرة تطرح من جديد ضعف الرقابة وغياب الفرز الحقيقي بين من يعمل ومن لا يعمل كي نقطع الطريق على هواة الملفات المفاجئة المرتبطة بتضرر المصالح الشخصية. وكي لا يصبح التشهير والتلفيق وسيلة لتلويث كل ما هو جميل والأهم ألا يقع المستهدف فريسة للشعور باليأس والإحباط، ولا ننسى أن المحاسبة هي نوع من العدل.
يونس خلف
التاريخ: الثلاثاء 16-4-2019
رقم العدد : 16958