مقاومة .. بين حربين

 

 

 

تكاد رؤية بعض المراقبين السياسيين تصل إلى مرحلة متقدمة ومهول بها من طرح السؤال الرائج هذه الأيام وهو (هل تقع الحرب) إلى التسليم المطلق بحتمية وقوعها لدرجة أن هؤلاء لسبب أو لآخر يطرحون السؤال: (متى تقع الحرب)؟
وعلى الرغم من عدم اتفاقنا مع هذا الطرح لأسباب سترد في سياق المقالة، فإن المعطيات المتوافرة والمتراكمة تسمح للمراقبين بالجزم بأن الحرب واقعة لا محالة ولكن يبقى التوقيت وما هي الظروف التي ستحدد هذا التوقيت مستندين كالعادة ومن منطلقات تاريخية أن المبادرة من الطبيعي أن تكون من محور العدوان على سورية والمقاومة وإيران.
إن كل الظروف وضعت أميركا وإسرائيل على سكة الهروب من مأزق الهزيمة بعد وأد مشروع التقسيم والتهشيم الذي كان من أولويات التعويل على البدء بمرحلة صفقة القرن، الأمر الذي أدى إلى استشراس محور العدوان وقد يدفعه إلى مغامرة حمقاء يرى فيها خلاصاً أو ربما بديلاً لمخططها الجهنمي الذي سقط باقتدار اللاعبين الأقوياء، سورية ومعها المقاومة مدعومة بقوة روسية حاسمة أوصلتها إلى موقع الشريك في العالم في عدة مناطق ملتهبة.
وربما يستند المراقبون في حتمية وقوع الحرب إلى أن أميركا وإسرائيل لا يمكن أن تفوتا فرصة هشاشة الوضع العربي والإنهاك الذي أصاب سورية والمقاومة وهما في حالة يحتاجان معها لالتقاط الأنفاس والإعداد لمرحلة إعادة الإعمار بعيداً عما يسمى بالحل السياسي، مع أن الوضع الراهن في سورية يناسبها لخوض أي نوع من أنواع الحروب.
إن ترامب منذ مجيئه وأميركا تكشر عن أنيابها باعتمادها استراتيجية إجرامية تمارس ضد إيران وحزب الله وسورية تتمثل بتدابير كيدية تسميها عقوبات بهدف تجويع إيران وتركيعها وبالتالي إضعاف حزب الله وفرض ما تسميه بالحل السياسي وإنهاء القضية الفلسطينية، فألغت الاتفاقية النووية، ثم صنفت الحرس الثوري على أنه منظمة إرهابية، ونقلت سفارتها إلى القدس، وأهدت الجولان للكيان الغاصب، وستتخذ قراراً بمنع تصدير النفط الإيراني لأي دولة في مطلع أيار المقبل، وهذا كله يعني أن أميركا وإسرائيل لجأتا إلى سياسة الكيدية، وبهذا أقفلتا أي باب سياسي أو تفاوضي لمعالجة الأوضاع ويبدو أنهما تتجهان إلى تحقيق ما تريدان دون الحاجة إلى حرب ونار وهذا ما يسمى بالحرب الوسط بين حربين لتجنب الحرب الصلبة وتجاوز القوة الناعمة.
هذه الاستراتيجية تطرح سؤالاً حول السلوك المفترض أن يعتمده محور المقاومة للرد على هذا النوع من العدوان الصهيو- أميركي.
هناك ثلاثة خيارات أمام المقاومة، إما بالصمود في وجه الحصار الاقتصادي دون أي فعل ناري وعملياتي، أو بالرد الناري المحدود دون الانزلاق إلى مواجهة عسكرية شاملة، أو بالبدء بالرد الناري لكسر الحصار والدخول في المواجهة الشاملة.
أما محور المقاومة فإنه حتى ولو كان قادراً على الصمود الاقتصادي مرحلياً، لكنه لا يستطيع أن يصبر إلى ما لانهاية ثم إنه لا يمكنه أن يقبل مطلقاً استباحة حقوقه وسيادته.
وسيكون مضطراً للجوء إلى الميدان كما حصل سابقاً في جنوب لبنان وانتهى بتحريره خصوصاً وأن ضم الجولان وحَّد الجبهتين الجنوبيتين في لبنان وسورية، لكن أي عمل مقاوم قد يتعداه إلى مواجهة لن يكون بمبادرة من محور المقاومة الذي سيظل متمسكاً باستراتيجيته الدفاعية المعتمدة مع تجاوزها هذه المرة بنقلها إلى الأرض المحتلة والسيطرة على المناطق الاستراتيجية وهذا الأمر إضافة إلى القوة الصاروخية الهائلة يرعب العدو الإسرائيلي وقد يعني فيما يعنيه بدء زواله، لذلك لا نتوقع حرباً تبادر إليها أميركا أو إسرائيل وهي غيرمضمونة النتائج لهما.
وإن غداً لناظره قريب…
د. عبد الحميد دشتي

التاريخ: الثلاثاء 16-4-2019
رقم العدد : 16958

آخر الأخبار
إعزاز تحيي الذكرى السنوية لاستشهاد القائد عبد القادر الصالح  ولي العهد السعودي في واشنطن.. وترامب يخاطب الرئيس الشرع  أنامل سيدات حلب ترسم قصص النجاح   "تجارة ريف دمشق" تسعى لتعزيز تنافسية قطاع الأدوات الكهربائية آليات تسجيل وشروط قبول محدّثة في امتحانات الشهادة الثانوية العامة  سوريا توقّع مذكرة تفاهم مع "اللجنة الدولية" في لاهاي  إجراء غير مسبوق.. "القرض الحسن" مشروع حكومي لدعم وتمويل زراعة القمح ملتقى سوري أردني لتكنولوجيا المعلومات في دمشق الوزير المصطفى يبحث مع السفير السعودي تطوير التعاون الإعلامي اجتماع سوري أردني لبناني مرتقب في عمّان لبحث الربط الكهربائي القطع الجائر للأشجار.. نزيف بيئي يهدد التوازن الطبيعي سوريا على طريق النمو.. مؤشرات واضحة للتعافي الاقتصادي العلاقات السورية – الصينية.. من حرير القوافل إلى دبلوماسية الإعمار بين الرواية الرسمية والسرديات المضللة.. قراءة في زيارة الوزير الشيباني إلى الصين حملات مستمرة لإزالة البسطات في شوارع حلب وفد روسي تركي سوري في الجنوب.. خطوة نحو استقرار حدودي وسحب الذرائع من تل أبيب مدرسة أبي بكر الرازي بحلب تعود لتصنع المستقبل بلا ترخيص .. ضبط 3 صيدليات مخالفة بالقنيطرة المعارض.. جسر لجذب الاستثمارات الأجنبية ومنصة لترويج المنتج الوطني المضادات الحيوية ومخاطر الاستخدام العشوائي لها