ليست هي الخطوة الأولى من التحول الأميركي من العولمة إلى الدولة الوطنية، رغم ما مثلته العولمة من انتصار للرأسمالية في محاولة السيطرة على العالم.
الولايات المتحدة ليست أبداً بصدد التنازل عن معركتها على العالم ومحاولة السيطرة عليه، على العكس من ذلك هي تظهر اليوم نياتها في هذا الاتجاه دون أن تتراجع عن أهمية السوق والاقتصاد في هذه المعركة.
قيادة أميركا للعالم عبر العولمة اقتضى منها اللعب عبر الحرية التجارية التي اعتقدت أنها ستكون فيها منتصرة دون شريك وهي كانت منتصرة لكن في العالم كان ثمة منتصرون آخرون، الصين مثلاً، الدول التي عرفت بـ«البريكس» أوروبا أحياناً، ودول بالأخص آسيوية أخرى، هذا لا يعجب أميركا، هي تريد أن تكون المنتصر الوحيد ومعها الذيل الإسرائيلي.
منذ مجيء الطاووس ترامب وسيادة منطق «كل شيء للبيع» أعلنت الولايات المتحدة بوضوح.. أميركا أولاً وأخيراً .. والباقي دون مواقع تذكر على سلم التصنيف!!؟
هكذا هي طالبت العالم بوجوب دفع الفواتير التي تراها مستحقة دون المراهنة على مسألة التحالفات السابقة .. أوروبا .. السعودية .. حلف الأطلسي .. تركيا .. الإرهاب .. كله يجب أن يدفع.
المعركة التي أججتها اليوم الإدارة الأميركية تبدو بنظرة أولية مع ايران، فنزويلا، وبنظرة متأنية هي معركة على العالم عبر العبث بحيوية واستقرار سوق النفط العالمي، مستغلة الدونية السعودية ومواقفها المعيبة.
أعلنت السعودية ومعها الإمارات وتحدثت عن دول أخرى تؤيدها أنها ستؤمن تزويد سوق النفط بحاجته وتؤمن له الاستقرار رغم غياب عدة دول من أوبك بين مهدد ومريض ومحارب!
الرهان الأميركي السعودي هو على ارتفاع حاد في أسعار النفط تكون فيه أميركا والسعودية والامارات المنتجين الرئيسيين وبالتالي يعدون أنفسهم بسيل من الأرباح يذهب معظمها إلى الولايات المتحدة وتدفعه دول العالم لا سيما الصناعية وذات الاقتصاد الكبير، ما لم تتجرأ هذه على تحدٍ حقيقي للعقوبات الأميركية !
الواقع الراهن للسوق العالمية بما فرضته أميركا من تحديات مهينة يفترض ظهور تمرد دولي معلن أو شبه معلن يمنع وقوع العالم تحت السيطرة المتوحشة للولايات المتحدة، فإيران وفنزويلا وغيرهما ليست الوحيدة في مواجهة الحرب الأميركية على العالم.
و بالتالي على طواويس الإدارة الإميركية ترامب وبومبيو وبولتون وغيرهم ألا يستهينوا بمعركتهم التي يحاولون تصويرها أنها فقط ضد إيران وفنزويلا وحرصاً على الديمقراطية ومحاربة الارهاب ؟؟؟!!!.. ليكن الجميع على قناعة أن كثيرين في العالم يعرفون حقيقة ما يجري ومراميه .
هل يبدأ العالم إنتاج الترياق المناسب لمقاومة السم الأميركي ؟
As.abboud@gmail.com
أسعد عبود
التاريخ: الأربعاء 24-4-2019
الرقم: 16963