بين القطيعة والقطيع

 

 

ربما كان الأمر في السنة الأولى من العقد الأخير من القرن الماضي أعني تسعيناته وكان الحصار الغربي مازال يبحث عن كل نافذة نتنفس منها محاولا سدها ولو استطاع أن يغلق أبواب السماء علينا لنموت خنقا لفعل.. كل شيء كان من الندرة مقننا عرفنا معنى أن تحصل على علبة محارم أو سمنة وما في قائمة المقننات التي تحتاجها لاستمرار الحياة.. الازدحام على أشده بكل شيء طوابير تصطف لا تدري ماذا تنتظر ..قرب ساحة محافظة دمشق رأيت مشهدا مخيفا لطابور طويل..لابد أن الأمر فيه توزيع شيء ما من المقننات بلا مقدمات ومن غير سؤال كنت في الصف انتظر دور ..حين وصلت النافذة كنت عرفت أن الأمر يتعلق بالتبغ..لست مدخنا لكني لم أتراجع..كيف أتراجع وقد انتظرت طويلا؟ يسألني الموزع كم تريد ومن أي نوع..أجبته من ذاك ..ناولني علبتين..فرحت بهما وإلى البيت بسرعة من عثر على كنز ولا يريد لأحد ما أن يراه، الوقت صيف وفي مكرو الباص صف المكدوس الذي تراص حتى التصق تماما..في البيت تدبرت حال الكروزين من التاطلي سيرت (الدخان بلا فلاتر) ..كل يوم مع كأس من الشاي إلى أن انتهى الكروزان.. تذكرت الأمر وكيف اندفعت بلا وعي نحو شيء لا أعرف عنه شيئا تذكرت ذلك مرارا ولاسيما بعد أن استوى الجاهل بالعالم وصار قطيع الفيسبوك واقعا لا أحد يمكنه نكرانه …قطيع إلا من عصم ربك …واتبع بالإعجاب وزاود بالتعليقات والنقد عفوا الذبح بحد سيف مثلم وأنت لا تعرف عن أي شيء يكتبون لكنك صرت في سياق القطيع من عدة أعوام.
كان الأمر نقاشا عاديا مع طاووس ما لم يكن خلاصه إلا بالتعليق المسيء لي..انهالت الإعجابات والتعليقات ..يالهول ما أرى..حتى فلان..؟ أمس كنا معا..كتبت إليه معاتبا..حتى أنت؟ استغرب عن أي شيء أتحدث قلت له:تعليقك ..أقسم أنه لا يعرف أني المعني بل لم يقرأ البوست لكنه رأى أن فلانا كتبه ولا بد أن يعجب به، لم ينته الأمر عند طابور وقطيع اللايكات بلا قراءة إلا عندما كتبت:تعلقون بغريزة القطيع يا لاعقي..تفعلون لأنه بمكان كذا.. ما كان في ما يسمى نخبة يستوي الكثيرون من قطيع بث الإشاعات حتى لو أتت على بيوتهم (يومهم وغدهم)..إلا ترون ما يجري في هذا الفضاء الموبوء بكل الوقاحات التي لا تعرف من أي قاع طفت..ربما يقول أحدهم:الفضاء هذا لم يفعل شيئا إلا أنه كشف زيفنا ربما هذا صحيح لحد كبير يضاف إليه أن النخبة كما تدعى دخلت صف القطيع بل يمكن الجزم أن الوعي الشعبي في معظم الأحيان أكثر عمقا وتجذرا بالوطن.. والسؤال الذي يطرح نفسه:كيف انتقلنا إلى القطيع ولماذا صار الأمر كذلك أهو قطيعة مع كل ذرة وعي..؟ كل تطور تقني ندفع ثمنه تخلفا وخبيصة اجتماعية وتمضي بنا هذه التطورات التقنية نحو إشعال النار في بيوتنا..ونصب كل ساعة زيتا عليها..وما نراه من سياسة القطيع يدعونا لأن نسال بحزن:من يوقف هذه النار في هشيم حياتنا..؟ أسئلة كثيرة ربما لا تبحث عن إجابات بل تقدم خلاصة:بين القطيعة والقطيع شعرة وها قد قطعنا حبالا لا شعرات..فمن يوقف كبش الفضاء الأزرق؟

ديب علي حسن
التاريخ: الجمعة 26-4-2019
الرقم: 16965

آخر الأخبار
من شمالها إلى جنوبها.. "فداء لحماة" بارقة أمل لريف أنهكته سنوات الحرب والدمار حملة "فداء لحماة"... أكبر مبادرة إنسانية وتنموية منذ سنوات حلب بين الذاكرة والتبرعات.. جدل حول تسمية الشوارع حزمة مشاريع خدمية في عدد من المدن والبلدات بريف دمشق تنظيم ١٥ ضبطاً بعدد من المنشآت السياحية في اللاذقية بدء ري الأراضي للموسم الشتوي من مشروع القطاع الخامس بدير الزور تجهيز 22 حاضنة أطفال في مستشفى الهويدي بدير الزور مشاركون في "سيريا هايتك": فرص استثمارية واعدة بالسوق السورية الرقمية  الزراعة العضوية.. نظام زراعي إنتاجي آمن بيئياً   أجهزة قياس جودة الزيت تدخل أسواق ريف دمشق أربع آبار لمياه الشرب تلبية لاحتياجات سكان بصرى الشام ومعربة  بعد 15عاماً.. سوق الإنتاج بحلب أعاد افتتاح أبوابه بأكبر مهرجان للتسوق  "المركزي" يكشف عن إجراءات جديدة لإدارة السيولة ودعم القطاع المصرفي ضبط أربع سيارات محملة بمواد متفجرة وعضوية في بصرى الشام العودة إلى "سويفت".. اختبار حقيقي لجاهزية البنية المصرفية التسعير والسوق.. هل حان وقت إعادة ضبط الآلية؟ وحدة كردية أم انحسار استراتيجي؟.. سحب أوراق "قسد" وإعادة رسم التوازنات في دمشق  "أمازون": هجمات سيبرانية إيرانية تمهد لعمليات عسكرية مباشرة نقص حادّ بخدمات البنية التحتية في "بابا عمرو" بحمص  "نقل اللاذقية".. جودة بالخدمات وسرعة في إنجاز المعاملات