بالأمس كانت شائعة خصخصة المنظومة الكهربائية على كتف أصحاب الصفحات والأقلام والأوراق والأحبار الصفراء، واليوم ونتيجة فشلهم في إثارة قلاقل المشتركين «المنزلي ـ الصناعي ـ التجاري ـ الزراعي»، عمدوا إلى تكرار التجربة «بطريقة ببغائية صرفة» من خلال نقل شائعاتهم إلى الكتف الآخر، وتحديداً باتجاه «مارد» وصمّام أمان اقتصادنا الوطني، ألا وهو القطاع العام الصناعي بشركاته كافة «الكيميائية والهندسية والغذائية والنسيجية»، الأمر الذي دفع بمن كان بها خبيراً داخل وزارة الصناعة لإعطاء «الفبركجية» درساً بالمفاهيم والمصطلحات التي لم يسمعوا بها من قبل وإن كانوا قد سمعوها فهم لم يفهموها بالمطلق.
ولأن القصة أو الشائعة بحدّ ذاتها لا تحتاج ـ من وجهة نظر أهل الخبرة والاختصاص ـ إلى محامي دفاع، فقد تمّ الاكتفاء بالإشارة «للبيب منهم فقط إن وجد»، أن موضوع خصخصة شركات القطاع العام غير مطروح لا للدراسة ولا حتى للنقاش لا من قريب أو بعيد، وإنّ كل ما في الأمر هو وجود نظام دولي اسمه التشاركية معمول به في معظم دول العالم، ولكي تبسّط على هؤلاء الشرح وتسهّل على الكثير منهم الفهم، فقد أكدت أن التشاركية شيء والخصخصة شيء آخر «وهذا الكلام موجه لمن يريد أن يفهم ويعرف منهم».
ولكي يقطعوا الطريق أمام كل محاولة للأخذ والرد والوقوع في حفرة التكذيب للمرة العاشرة بعد الألف، فقد ذهبوا إلى أبعد من ذلك عندما ذكروا وأكدوا لهؤلاء أن القطاع الخاص كان ومازال شريكاً استراتيجياً في بناء الصناعة المحلية وتحديداً فيما يتعلق بالشركات الخاسرة، بهدف الاستفادة الفاعلة والمنتجة من خبرته ومرونته في تحويل هذه الشركات إلى شركات رابحة، وبما ينعكس على مصلحة الطرفين على حد سواء، وهذا لا يتم طبعاً بكبسة زر «كما يتوهّم البعض» وإنما بناء على دراسات معمّقة لواقع حال كل مؤسسة من المؤسسات الثماني وتوصيف واقعها بدقة ومعرفة الرابحة منها والخاسرة والمؤسسات ذات الإنتاجية المتوسطة، على الرغم من المصاعب العديدة التي تواجه القطاع العام الصناعي الذي عانى كبقية القطاعات الحيوية من الإرهاب الاقتصادي الذي أرخى بظلاله الثقيلة جداً على مؤسساته التي بات البعض منها «لا حول له ولا قوة»، على الرغم من الاهتمام الكبير الذي توليه الدولة لواقع العمال ومتابعة شؤونهم المالية والصحية باعتبارهم المحرك الأساسي في زيادة إنتاجية معامل القطاع العام الصناعي.. عسى ولعلّ أن يكون أصحاب الشخصيات المشككة المتشائمة قد فهموا.. قبل أن تتسم ردود أفعالهم الناتجة عن سوء الفهم بالتسرّع والتخبط السلبي والمحرج والمقرف.
عامر ياغي
التاريخ: الأثنين 29-4-2019
رقم العدد : 16966