أن تتمايل والتفاف الحزن يغويك بإقامة جبرية, ستبدو مهزوما أمام قدميك, وستشعر أنها مقيدة, ولن تطاوعك بحراك هزلي.
إن أصررت على استنشاق الموسيقا, وزفرها رقصا, كمن يمزج الحصى بالحليب ليتناولها بديلا لنسكافه صباحي, يعيد إليك التوازن بعد ليلة نوم امتلأت بالكوابيس.
ولكنك تريد اقتلاع الحصى, خوفاً أن تصبح مزيجاً يومياً يرتاح لقربك..!
تود أن تمتلك فرادة روح راقصة تعتنق مزيجاً فريداً من حياة لا تستقر على حال, حتى وإن كنت قابعاً في منزلك, يحاصرك ألف خراب, ماأن يأتيك مزج موسيقا ترى عبره راقصي التانغو, تتمايل أجسادهم, هاربة من كل اللوعة البشرية, القهر الابدي لحياة لن تمسك نبضاتها مالم تتقن التقافز على كل الخيبات..
وانت ترقص التانغو.. لابد من اقتراب الاجساد وانت تقترب أو تبتعد, تنسى نفسك, تترك جسدك للموسيقا, تتقدم.. يتراجع هو.. تدور.. يلتف معك..
عيون الحاضرين وهم يرفضون الرقص, يراقبون, يتحسرون, ويزفرون في الهواء الرطب.. أفكارهم المقيتة قد تدور وتصبح قلائد, لكن تلتف على رقابهم, لتخنقهم, وحدهم, رافضة في ظل رقصة تانغو, أو حتى الفلامنكو.. لايهم.. أيا كان نوع الرقصة, الالتفاف على رقاب الراقصين, يناورونها, يعاندونها.. تمرد تلك الاجساد, وحرارة الارواح, وتحرر فكر يرفض أي بغيضة, جميعها تتكفل بتوق يمنع تلك القلائد من الاقتراب منك..!
اليوم, التاسع والعشرون من شباط, يحتفل العالم بالرقص, بينما هم يحتفلون بطريقتهم المشبعة ترفا, نحن نرقص وسط الخراب, نندمج في رقصتنا الفريدة, سواء أكانت مع شريك.. أو عدة شركاء اجتمعوا مصادفة في قاعة فسيحة, تتيح للأرواح أن تلتقي, بعفوية, ونقاء.. لتتمرد على السائد العفن.. على التفكير الماكر, تجدد رقصاتها الدفاعية تنقلب عبرها على الصعاب, كأنها منذ الصغر, اعتادت على ابتكار رقصة, تلائم خطوات الحياة وجبروتها المدلل..!
سعاد زاهر
soadzz@yahoo.com
التاريخ: الأثنين 29-4-2019
رقم العدد : 16966