تطالعنا وسائل التواصل الاجتماعي كل يوم بأخبار تتنوع بين الغرابة والطرافة، ورغم ذلك فهي تستوقفنا في كثير منها في محاولة لالتقاط ماتتضمنه من معان وما تحمله من مضامين ربما تكون نقطة بداية لفكرة تبعث المنفعة والفائدة في غير مجال وغير هدف.
ومايستوقفنا حقا كيف يستطيع البعض تحويل الأزمات التي تعترضنا بين الحين والآخر إلى إبداع حقيقي، من مثل استثمار تجمع قوافل السيارات على محطات البنزين لتحويلها إلى مهرجان للقراءة في محاولة لنشر ثقافة القراءة بين شرائح المجتمع كافة بعيدا عن صالونات الثقافة ومنابرها التي يقصدها عدد محدود من المهتمين والمتابعين للشأن الثقافي.
ولايتوقف الأمر عند ذلك بل حاولت بعض فرق «العراضات الشعبية» تقديم بعض الرقصات والأغاني التي تدخل البهجة وتكسر رتابة وملل الانتظار الطويل، ومشاركة الناس والتخفيف عنهم بعض ضغوطات الحياة وتبعاتها ونشر البهجة والسعادة والمرح إلى قلوبهم.
هذه المبادرات اللافتة رغم محدوديتها فهي أولا تؤكد على التلاحم والمحبة بين أفراد الشعب والشعور بالمسؤولية، وهي من جهة ثانية تأخذنا إلى عالم أكثر بهجة كنا نعيشه قبل أن تتحالف قوى الشر على بلادنا، وكيف كانت تنتشر الأنشطة الثقافية في غير مكان، في الساحات والحدائق وتلقى تفاعلا كبيرا من قبل الجمهور، وتستقطب الشرائح المجتمعية كافة والعائلات وكانت تقدم ثقافة عالية للفرد والأسرة والمجتمع.
وهذا بدوره يدفعنا لإعادة هذا الألق للثقافة المفتوحة التي تتضمن عروضا غنائية وموسيقية ومسرحية وسينمائية تقترب من الناس وتقدم لهم وجبات من الثقافة والمعرفة والمتعة، وخصوصا أننا نملك ساحات هامة وحدائق رائعة، فبدل هدر الوقت في أشياء لاطائل منها، تتحول هذه الأماكن إلى منابر ثقافية هامة تقدم رسائلها الهادفة لإعادة لملمة ذاك التشرذم الذي خلفته الحرب بين أفراد المجتمع.
ولابد هنا أن نثمن عاليا دور الوزارات والهيئات والمجتمع الأهلي مساهمتها في نشر الثقافة والاحتفاء بالمبدعين في المجالات كافة، ولكن عندما تعم الثقافة أرجاء البلاد وتصبح جزءا من حياة الأفراد سيزهر ربيع الأمل وتنهض البلاد عزة وشموخا وبناء يطال عنان السماء.
فاتن دعبول
التاريخ: الثلاثاء 30-4-2019
الرقم: 16967