ثمة اجتماع بين التربويين النفسيين على أهمية التربية في السنوات الأولى من العمر، ودورها في بللورة الملامح الأساسية لشخصية الإنسان ،حيث تتركز المساهمات في هذا المجال على أهمية البيئة بصورة عامة والبيئة الاجتماعية بصورة خاصة في تكوين الشخصية ،الأمر الذي يحتاج إلى عوامل بيئية مناسبة وقادرة على أداء هذا الدور التربوي الهام ،وتتمثل هذه العوامل في الأشياء المحيطة بالطفل والأشخاص المحيطين به .
المربية فاطمة عودة رأت :بأن الطفل في مراحله الأولى يحتاج إلى رعاية خاصة، وخاصة من المقربين جدا له ،والى وجود إنسان يؤمن له الرعاية والاهتمام، وخاصة الأم كونها تقوم بإشباع حاجاته من الغذاء والحماية والأمن والتواصل وذلك من خلال التناغم العاطفي الذي يمكن بوساطته تفعيل قابليته للنمو الطبيعي ،ومن هنا تظهر أهمية وضرورة تفعيل الدور الاجتماعي في التربية ،والتي تبدأ حسب ما يقوله :»كل من المتخصصين التربويين وعلماء التربية والاجتماع « تبدأ من الأسرة وفي أحضانها فهي التي تقوم بتعليمه المهارات والمعلومات الأساسية وعن الطريقة التي يعمل بها المجتمع أو التي ينبغي أن يعمل بها ،وهذا التعليم يؤلف جزءا أساسيا من إعداد الطفل للتصرف ووفقا للأدوار التي يقوم بها العضو الراشد في المجتمع ،بينما هناك جزء آخر يتمثل في نماذج السلوك والقيم والمعتقدات التي يتم تعلمها مباشرة ممن يتصل بهم مباشرة ،وأعني هنا العائلة بشكل خاص والبيئة المحيطة /المجتمع المحلي /بشكل عام .
وتضيف المربية عودة :إن تلك الأمور تقودنا إلى القول :إن التربية الفعلية بشكلها العام تبدأ قبل سن المدرسة أي في البيت ومن ثم في مرحلة الروضة ،ويتم ذلك عن طريق محاكاة سلوكيات وتصرفات وأعمال مختلفة ومتعددة من المحيطين مثل الوالدين والأخوة ومن الأتراب والرفاق .. ورويدا رويدا تأتي المرحلة الأولى والأهم والتي قد تشكل مرحلة صعبة للطفل بعض الشئ،ألاوهي مرحلة الروضة التي تشكل بداية التربية المنظمة والفاصلة بين التربية الأسرية و مرحلة المدرسة ،حيث النظام والتربية والتعليم.
عندها /الروضة /تبدأ التربية الاجتماعية بالتنظيم والتعقيد والتي يلعب فيها المربون «سواء أكانوا من معلمين أو مدرسين أو من الكادر التدريسي» دوراً وتأثياًر هاماً في هذه التربية فهؤلاء يشكلون شخصيات جديدة تضاف إلى دائرة الطفل وتؤثر في سلوكه وفي أحيان تصرفاته وطريقته في تقييم الأشياء ومواقفه من معايير اجتماعية وتقليد لأشياء مختلفة قد تجعله في صراع بين ما تعلمه في محيط أسرته وبين ما تعلمه في هذه المرحلة لكن هذا الصراع سرعان ما يزول عندما تتوسع دائرة علاقاته وصلته بالآخرين لاسيما في مرحلة المدرسة التي يتعلم منها الانضباط والتصرفات الجديدة وبالتالي يزداد اطلاعه على ثقافة المجتمع وعاداته وما ينقله رفاق المدرسة والكادر التدريسي من أشياء كثيرة تكسبه لغة يعبر بها عما يجول في خاطره من أسئلة مختلفة تساعده في عملية التواصل مع الآخرين ومشاركتهم اهتماماتهم ومشاعرهم ،وكلما زاد تفاعل الطفل الاجتماعي زادت ثروته اللغوية ونمت قدراته المختلفة سواء العقلية أو سواها،ومن كل ذلك فان مفهوم التربية الاجتماعية تعني تحقيق التلاؤم بين الجماعات المختلفة في التفكير والسلوك بحيث تتلاقى أهدافها سواء أكانت فردية أو جماعية في الوسيلة المشتركة لتحقيقها وهي التربية بأساليبها ومؤسساتها المختلفة .
التاريخ: الخميس 2-5-2019
رقم العدد : 16969