يختصرون الزمان والمكان والتاريخ… لهم فلسفتهم في الحياة والخلود.. لا ينتظرون مقابلاً، ولا تعنيهم إغراءات الدنيا ومتاعها… يتسابقون في سبيل حماية الوطن وحفظ سيادته وكرامة أبنائه… هم من قدم وضحى بأغلى ما في الكون.. هم الطهارة والقداسة والنقاء… هم أكرم من في الدنيا وأنبل بني البشر.. هم الشهداء الأحياء… الخالدون في وجدان الأمة والمنارة على درب النصر لهم الأيام كلها والحياة كلها… في السادس من أيار عيدهم ذكرى خالدة وحكاية فخر واعتزاز… كذلك لهم الأعياد جميعها…
وقفوا في وجه الاحتلال العثماني وقارعوه ولقنوه دروساً في الوطنية والإنسانية وجب الوطن ونكران الذات ولم تكن مشانق السفاحين الطغاة إلا مشاعل نور وقصص وأحاديث ترويها الأجيال لبعضها البعض كيف انتصرت الإرادة والعزيمة والصبر على الظلم والظالم… ظن السفاح أن مشانقه هذه قادرة على إخماد صوت الحق وهو الذي عاش فساداً وتخلفاً وقهراً واستعباداً على مدى أكثر من أربعمئة عام حقق خلالها علامةً فارقةً ومسجلةً في الجهل والعبودية وبعده الاستعمار الفرنسي ولاقي ما لاقاه أسلافه وغيرهم وغيرهم ويكتب التاريخ ويسجل أن شعباً بنى أقدم الحضارات وصاحب الأبجدية الأولى وله أقدم مدنية مأهولة في التاريخ و…. و…. ومن يقدم مئات آلاف الشهداء وما زال لن تستطيع أي قوة في العالم مهما تجبرت وطغت وتسلطت أن تهزمه والأيام تحكم بيننا كما حكمت في السابق.
في السادس من أيار تنحني الجباه والهامات إكراماً وإجلالاً، حيث ما أشبه اليوم بالأمس ويعيد التاريخ نفسه ونحن بعد أكثر من ثماني سنوات نجدد العهد والوعد بأن ما صنعه أجدادونا وأسلافنا بالمحتل والمستعمر سيكون مصير الحرب الإرهابية والفكر الظلامي التكفيري الذي لم يشهد له التاريخ مثيلاً حتى في الحربين العالمتين… شهداؤنا هم صناع النصر وسياج الوطن وبهم تبنى الأوطان…
حديث الناس
هزاع عساف
التاريخ: الثلاثاء 7-5-2019
رقم العدد : 16971