محمد الفهد..يعـــــــزف علــــــى وتــــــــر مـــــــن روحــــــه..

«صاحب القلم المذخر بحبر الضوء كل وتر من روحه هو شعاع شعر، حروفه مغمسة بالنعومة والنداوة ودفء المشاعر، إنه يقدم جملة شعرية عالية الدسم، فهو يولم للقصيدة كل ممكناتها من موهبة أصيلة وزاد متخم بالثقافة، فيبدع لوحات تصويرية ذات خصوصية يحوكها بنول شجنه معتمدا الكلمة السهلة المأنوسة التي تدخل القلب دون جواز سفر أو تأشيرة دخول»..
بهذه الكلمات وصف الناقد «محمد رستم» الشاعر المبدع «محمد الفهد» حيث توجهنا للأخير لنحاوره حول بعض القضايا الثقافية.. نتوقف معها عبر السطور التالية:

– كيف ترى التجربة الشعرية الإبداعية, وماهي علاقتك الروحية بالقصيدة ؟
— التجربة الإبداعية في مجملها هي بنت الجوّاني أي ما يحرك العواطف والانفعالات, ولايمكن أن يخرج الإبداع إلا من خلال الانفعالات والتي تصقلها التجربة المعرفية,وبمعنى آخر إن العملية الإبداعية هي بنت الموهبة إضافة إلى المعرفة, فبدون السعي الحثيث للمعرفة تظلُّ الموهبة محدودة..
وأنا اشتغلت على نفسي طوال خمسين سنة ونيف, ولدي مكتبة تضم أكثر خمسة آلاف كتاب, ولا أعرف إذا استطعت أن أقدم نصاً جديداً, ويطرح أسئلة الكون…
– كيف تنظر إلى الحداثة.. وما رأيك بالقصيدة النثرية, باعتبارك تكتب القصيدة الخليلية والتفعيلة…؟
— الحداثة هي بنت الحياة, وكما نتطور في الواقع فعلينا أن نتطور في الإبداع, وهذه الحداثة لا يجوز أن تكون منفصلة عن الماضي.. بمعنى أنني يجب أن أعرف تاريخية القصيدة, حتى أعرف ماذا يجب عليّ أن أقدم..
فكيف يمكن أن أقدم جديداً دون معرفة ماذا قدَّم أجدادي الشعراء..
ومن هنا تأتي الحداثة مكملاً لمسيرة الشعر العربي مع الاستفادة من كل المنجز المعرفي الثقافي العالمي الذي يجب أن يكون الذخيرة المعرفية لخلق مناخ إبداعي جديد, دون أن أنسى خصوصيتي الشعرية العربية «علينا أن نفتح نوافذنا للريح,لكن لن اسمح لريح أن تقتلعني من جذوري».
أما قصيدة النثر هذا الاصطلاح المتناقض فأرى أنها في مأزق كبير, فكل الأصوات التي تكتبها الآن لن تتجاوز روّاد هذه القصيدة «الماغوط – أنسي الحاج – أدونيس», إضافة إلى أن المشتغلين عليها لم يستفيدوا من المنجز اللغوي العربي – فظلوا في شكل الخواطر.
ونادراً ما يمر نص يدفعك إلى التساؤل المعرفي والإبداعي, لذا لابد من مراجعة شاملة.
وأنا لست ضد أي شكل من أشكال القصيدة, بشرط أن يقدم لي ما يوقظ الروح ويدفعني لعوالم الجمال والحب والتساؤل.
– الزمن باعتباره البعد الرابع للمكان…يأخذ حيزاً كبيراً في تجربتك الشعرية… فما وراء هاجس الزمن لديك؟
— نحن أبناء الزمان والمكان, ولا نستطيع إلا أن نكون محاصرين بهما, يقتلني الزمان وعبوره, فهو يقضم أيامنا و يأخذنا إلى العدم, فأخاف عبوره, ولذا أحاول أن أستفيد من لحظاته, وإن مرّ عابراً, أشعر بالحزن..
إضافة إلى أن الزمن يأخذ منك قوتك وأصدقاءك ويترك فوق روحك أسئلة المصير من هنا ربما يكون الزمن حاضراً في قصائدي.
– ما رأيك في أن الشاعر إنما هو صدى لصوت سابق…. وكيف يفيد من مخزونه الثقافي؟
— إنما التجارب السابقة تكون المخزون المعرفي لقصائدي وهي عملية فيزيائية وكيميائية..
فيزيائية: حين أراكم بقراءتي التجارب السابقة..
وكيميائي: حين تختلط تلك المعارف لتنتج شيئاً جديداً هو ابن كل التجارب السابقة, لكنه جديد بروحه وجديد بأسئلته, وجديد في منطوقه اللغوي الإبداعي..
وإذا لم يقرأ الشاعر كل التجارب السابقة, عربية كانت أو غير عربية, فلا يمكن أن يقدم نصاً مختلفاً, ومن هنا أهمية المعرفة في الإبداع..
والشعر لا يمكن أن يكون للكسالى, إنه جفر معرفي وثقافي..
– وأنت أحد أبواب الشعر في حمص….ما رأيك بالحالة الشعرية في حمص في ظل سيطرة الفضاء الأزرق على كامل الساحة الأدبية وانتشار المنتديات الشعرية؟
— أدعي بأنني أعرف الساحة الشعرية السورية, فقد بقيت عامين مقرراً لجمعية الشعر في اتحاد الكتاب العرب, وقبلها بعامين أمين سر جمعية الشعر, والآن أمين سرّ لفرع اتحاد الكتاب العرب بحمص.
فحمص: مدينة الشعر, منذ ديك الجن, وحتى آخر شاعر طالب في الجامعة الآن, والمستوى الشعري لشعراء حمص متفوق بما لا يقارن على الشعراء في كل المحافظات والشيء الآخر أن الشعراء الحقيقين في سورية هم قلة في كل محافظة لا نرى سوى شاعر, ماعدا حمص ففيها مالا يقل عن سبعة شعراء كبار, وهذا المستوى الشعري خلق مناخاً للمنافسة لخلق حالة شعرية متميزة, ولم يغب اسم شعراء حمص عن المسابقات الشعرية العربية, بل وفاز البعض منهم بالمرتبة الأولى.
– كيف أثرت الحرب التي نعيشها على شعرك ؟
— لقد فتحت الجرح على مصرعيه, وكتبت كثيراً, وأصدرت أربع مجموعات عما جرى لروحي في هذه الحرب, وما عانته الحياة فيها, وما تركت من دموع على أرصفة الحب المجموعة الأولى: من فصول العشق والرماد, وسراب على حكايات الغيم, ومن مقام الوقت, وخريف المعنى…
– ما الذي ينمي وحيك وبوحك الشعري… وكيف تلتقط الحالة وتسكبها شعراً؟
— ليس هناك من قاعدة ثابته لمجيء القصيدة ربما أثناء القراء ة تأتي حالة ما تأخذك إلى روح القصيدة, فتكتب شيئا ما, ثم تعود إليه ليأخذك إلى عالمه..
ولكن القصيدة تحتاج بعدها إلى شغل وحفر, وليس هناك قصيدة إلا وتكتب مرات ومرات ربما تصل إلى عشر مرات..
قد يأخذك منظر ما, أو عبور لجمال ما, فتبدأ روحك تنقط أحرف القصيدة, وبالمجمل ليس هناك قاعدة, وإنما على الشاعر أن يكون حاضراً دائما حين تطرق الريح أبوابها لتوقظ روحه..

 

بطاقة

• ولد في حمص 1946, يحمل إجازة في اللغة العربية.
• شغل منصب مقرر جمعية الشعر في اتحاد العرب, وحاليا أمين فرع اتحاد الكتاب العرب في حمص.
• صدر له: منارات الأسئلة 1998, ومرايا الوقت 1999, مرثية الرؤيا 2002، قصب على الشرفات 2005, ناي يذاكر في الظلام 2006, مناديل اللوعة 2009, فضاء لنشوء الايقاع 2011, من فصول العشق والرماد2014, سراب على الغيم 2015, من مقام الوقت 2017, خريف المعنى.

سلوى الديب
التاريخ: الجمعة 10-5-2019
الرقم: 16974

 

آخر الأخبار
وزارة الثقافة تطلق احتفالية " الثقافة رسالة حياة" "لأجل دمشق نتحاور".. المشاركون: الاستمرار بمصور "ايكو شار" يفقد دمشق حيويتها واستدامتها 10 أيام لتأهيل قوس باب شرقي في دمشق القديمة قبل الأعياد غياب البيانات يهدد مستقبل المشاريع الصغيرة في سورية للمرة الأولى.. الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد إعلام العدو: نتنياهو مسؤول عن إحباط اتفاقات تبادل الأسرى إطار جامع تكفله الإستراتيجية الوطنية لدعم وتنمية المشاريع "متناهية الصِغَر والصغيرة" طلبتنا العائدون من لبنان يناشدون التربية لحل مشكلتهم مع موقع الوزارة الإلكتروني عناوين الصحف العالمية 24/11/2024 رئاسة مجلس الوزراء توافق على عدد من توصيات اللجنة الاقتصادية لمشاريع بعدد من ‏القطاعات الوزير صباغ يلتقي بيدرسون مؤسسات التمويل الأصغر في دائرة الضوء ومقترح لإحداث صندوق وطني لتمويلها في مناقشة قانون حماية المستهلك.. "تجارة حلب": عقوبة السجن غير مقبولة في المخالفات الخفيفة في خامس جلسات "لأجل دمشق نتحاور".. محافظ دمشق: لولا قصور مخطط "ايكوشار" لما ظهرت ١٩ منطقة مخالفات الرئيس الأسد يتقبل أوراق اعتماد سفير جنوب إفريقيا لدى سورية السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص