الفنان وجدلية العمل الإنساني

رحم الله الفنان نضال سيجري الغائب جسداً والحاضر في قلوب الكثيرين، الذي كان يذهب بصمت إلى أماكن لم يسمع بها كثيرون بهدف إنساني بحت وبقلب مِلؤه الحب والشغف ليزرع الفرح في النفوس، أذكره اليوم لأن تجربة سابقة جمعتني معه عام 2006 عندما استقبل السوريون إخوتهم اللبنانيين أثناء الحرب، حينها قامت الصفحة الفنية في صحيفة الثورة بالتعاون مع الهلال الأحمر بتنظيم عدة زيارات لفنانين نجوم إلى مراكز إيواء الوافدين اللبنانيين، ومن بينهم كان نضال، وفي مركز الإيواء جلس مع الأطفال في إحدى الزوايا وأخذ يلاعبهم بعيداً عن الكاميرات، وكلما كان يشعر باقتراب الكاميرات منه يغيّر مكانه مع الأطفال، فهمه كان محاولة رسم الابتسامة على وجوههم.
أسوق هذا المثال للتأكيد على أهمية الدور الفاعل والريادي للفنان في القضايا الإنسانية، وأن يُشكّل الأنموذج ليحتذي به الآخرون، فهو واجهة مهمة في المجتمع، وصوته مؤثر لدى شريحة واسعة، ولكن يبدو أن هناك من جنحوا عن هذا الدور وفهموه بشكل مغلوط، فمنذ سنوات هناك من تصدروا (فجأة) واجهة العمل الإنساني وما لبثوا بعد فترة أن اختفوا عن واجهة العمل الإنساني والفني واكتفوا بالـ (بزنس)، وآخرون قدّموا وأعطوا بصمت دون ضجيج، وهناك من فضّل اللجوء إلى الإعلام وهو أمر صحيح ومهم ومتعارف عليه عالمياً، ولكن وهؤلاء يمكن تقسيمهم إلى قسمين من باب الاختلاف في الأسلوب وآلية التعاطي والهدف المُنتظر، لأنه شتان بين اللجوء إلى الإعلام من باب دعم الفنان للعمل الإنساني والمساهمة في الترويج له وحض الآخرين على مد يد العون، وبين أن يكون اللجوء للإعلام مجرد استعراض لإنسانية الفنان ودعم تسويقه واستكمالاً لهالة (البرستيج) الخاصة به، فهناك بون شاسع بين هذا وذاك.
هي جدلية قد تبدو صعبة، وإن كانت الكفة تميل إلى الجانب الخيّر منها، فكثيرون هم الفنانون السوريون الذين يتعاطون مع الموضوع بإيجابية واندفاع، لقناعتهم بالدور المتقدم والمؤثر للفنان في المنحى الإنساني والاجتماعي، ولما له من صدى في نفوس محبيه، فيعلو صوته ليكون جزءاً من نسيج لوحة يخطها الجميع بحب ووفاء وحس عالٍ بالمسؤولية، وضمن هذا الإطار يمكن للعطاء أن يكون له وقعه في مواجهة جبروت المرض والموت واليتم، فمحاولة إعادة ابتسامة لثغر طفل أو زرع الأمل في نفسه أو كفكفة الدموع عن الحزانى أفضل ألف مرة من لعن الظلام.. العمل كثير والمطلوب المشاركة بحب وبدافع إنساني بعيداً عن الـ (أنا).
fouaadd@gmail.com

فؤاد مسعد
التاريخ: الاثنين 13-5-2019
الرقم: 16976

آخر الأخبار
من واشنطن إلى دمشق... تعاون مرتقب بين سوريا وصندوق النقد الدولي لدعم الإصلاحات  بطاقة 20 ألف متر مكعب .. افتتاح محطة ضخ مياه عين البيضا بحلب بحث تطوير المنظومة الكهربائية وتعزيز مشاريع الطاقة البديلة في حلب  زيارة تكسر الصمت وتمهّد لحوار الممكن بين دمشق و واشنطن  زيارة الرئيس الشرع إلى الولايات المتحدة في عيون الإعلام الغربي   الشرع يطرح هذه الملفات على طاولة  ترامب في "البيت الأبيض"  الجهاز المركزي يطور أدوات جديدة لكشف الاحتيال   من واشنطن الشيباني يبشّر السوريين: 2026 عام الانقلاب الكبير! الشرع يلتقي ممثلي المنظمات السورية الأميركية.. ودمشق وواشنطن نحو الشراكة الكاملة  وزيرا سياحة سوريا والسعودية يبحثان آفاقاً جديدة للتعاون كواليس إصدار القرار "2799".. أميركا قادت حملة دبلوماسية سريعة قبيل زيارة الرئيس الشرع الشرع أول رئيس سوري يزور البيت الأبيض بشكل غير متوقع إنشودة الوفاء من مدينة الأنوار إلى دمشق الشآم سوريا تشارك في الجلسة الافتتاحية لمجموعة 77 + الصين في البرازيل إغلاق باب التقسيم: كيف تترجم زيارة الشرع لانتصار مشروع الدولة على الميليشيات؟ الأطباء البيطريون باللاذقية يطالبون بزيادة طبيعة العمل ودعم المربين ملتقى "سيربترو 2025".. الثلاثاء القادم صفحة جديدة في واشنطن: كيف تحوّلت سوريا من "دولة منبوذة" إلى "شريك إقليمي"؟ مكافحة الترهل الإداري على طاولة التنمية في ريف دمشق من "البيت الأبيض": أبرز مكاسب زيارة الشرع ضمن لعبة التوازن السورية