محمد زهير رجب: من الواجب تقديم دمشق كما تستحق أن تُقدم

حُفِر في الذاكرة العديد من الأعمال المهمة للمخرج محمد زهير رجب الذي يُنافس في شهر رمضان الحالي بعملين دراميين يندرجان ضمن إطار البيئة الشامية، هما الجزء الرابع من (عطر الشام) والجزء العاشر من (باب الحارة)، فأي جديد يحمل كل منهما وما خصوصية عمل عن آخر خاصة أن أحداث كل منهما تدور في الحارات الشامية؟.. عن العملين اللذين يعرضان حالياً على الشاشة كان لنا معه هذا اللقاء، والبداية من (باب الحارة)، يقول:
محاولة تقزيم دمشق بحارة أو بجزء من حارة غير موجود في العمل، فنحن نسعى لفتح الأبواب وإضفاء المصداقية إلى حد نستطيع عبره أن نحافظ على المتعة والفرجة ولكن ضمن حدود احترام عقل المشاهد.
ـ ما قلته قد ينطبق على أي عمل شامي، ولكن ما خريطة (باب الحارة) في الجزء العاشر؟ وإلى أين أنتم ذاهبون بالأحداث والشخصيات؟.
لدى استعراض الأجزاء السابقة نجد أن هناك العديد من الشخصيات التي غادرتها ودخلت شخصيات جديدة عبر أحداث جديدة، وبالتالي هي سلسلة من الحياة اليومية في حارات دمشق، وهناك أشكال وأنماط مختلفة تعرض في هذه السلسلة، فلنقل أن في هذا الجزء أشكالاً وأنماطاً جديدة يتم طرحها ولكنها مبنية على ما سبق، أي أن هناك شخصيات وحكايات موجودة من الأجزاء السابقة، وبالإضافة لها هناك شخصيات وحكايات جديدة تُقدم شكلاً جديداً وقطعاً صغيرة ضمن فسيفساء دمشق، نحاول من خلالها أن نكون أرحب وأوسع.

– كيف تعاملت مع التجاذبات التي أثيرت حول إنجاز العمل؟
عندما عرضت الشركة المنتجة عليَّ المشروع كان هناك حكم قضائي مُبرم، أما التجاذبات والمهاترات التي تُنشر على بعض مواقع التواصل الاجتماعي فلم آخذ بها كثيراً لأنها في معظم الأحيان تُعبّر عن أهواء شخصية وربما عن عدم معرفة، وبالطبع هذا لا ينفي أن هناك مواقع وصفحات منطقية وموضوعية، ووسائل إعلام موضوعية أحترمها وأعتز بآرائها.
ـ عملان دراميان يدوران ضمن أجواء البيئة الشامية يحملان توقيعك.. فإلى أي مدى استطعت خلع ثوب المسلسل الأول لترتدي ثوب المسلسل الثاني من خلال كاميرتك والأماكن والروح العامة؟
في النهاية هناك إطار عام للأعمال الدمشقية لا تستطيع الخروج منه إلا بشكل خجول، لأنه إطار أصبح راسخاً عند المشاهد العربي أكثر من المحلي، ولتستطيع كسره أو كسر القيود التي فرضها هذا الإطار عليك أن تدخل بحذر أو تفعل ذلك بشكل تدريجي.
بمعنى أنه درج في الأعمال السابقة وجود العكيد والزعيم.. وهي شخصيات انقرضت في حين أنها كانت موجودة في الثلاثينيات وما قبل، ولكن لم يكن لها هذه السطوة التي ظهرت في الأعمال، كما أنها لم تكن موجودة في فترة الأربعينيات، وبالتالي نحاول كسر هذا الإطار وما فرضه من قيود ولكن بشكل تدريجي وبشكل نقترب فيه من الواقع دون كسر روح هذه الأعمال التي أحبها المشاهد العربي.
ـ تتحدث عن المشاهد العربي ولكن أين هو المشاهد السوري من هذه الأعمال؟.. هل بات هناك عمل للمشاهد العربي وآخر للمشاهد المحلي؟.
إننا نقدم دراما عربية لأن العمل سيُعرض على محطات مُشاهدة في كل الوطن العربي، وبما أنك تقدم دراما عربية فينبغي أن تهتم بالمشاهد العربي أينما كان لأنك لا توجه عملك للشارع السوري فقط، فإن كنت ستحصر نفسك في الشارع السوري فقط عليك أن تهتم في تفاصيل الشارع السوري فقط.
في الأعمال الدمشقية لماذا نقول يجب أن نهتم بالروح التي أحبها المشاهد العربي لأن هذه الحارة الدمشقية موجودة في دمشق فقط، وكذلك الأمر بالنسبة للبيت الدمشقي الذي يحتوي على البحرة وشجرة النارنج والياسمين.. فالحياة ضمن هذه البيوت غير موجودة في أي مكان في العالم إلا في دمشق، وهذه الثروة الدمشقية نوظفها ونقدمها للمشاهد العربي ونجعله يعيش ألف ليلة وليلة، ولكن المشاهد السوري يعرف هذه الحياة وعاشها فهي ليست مُبهرة بالنسبة إليه، لا بل قد تكون متقاربة مع حياته الخاصة، لذلك تجد أن تعاطي المشاهد السوري معها يختلف عن تعاطي المشاهد العربي، وكما أنه لا يشاهدها بالعين نفسها التي يرى فيها المشاهد العربي، لأن المشاهد السوري يرى الأعمال الدمشقية بعين من عاش التجربة.
ـ إذاً يمكن القول إن بريق هذه الأعمال قد خفت لدى المشاهد السوري؟
الأمر لا يتعلق ببريق، وإنما هي محاولة من بعض المنظرين لإقصاء هذه النوعية من الأعمال جانباً، ولكن هناك شريحة كبيرة من الشارع السوري تتابعها بشغف، بدليل أن مثقفين وأطباء وأساتذة جامعة.. عندما ألتقي بهم يسألونني عن مجريات الحلقات القادمة من المسلسل وكيف سيكون تطور الشخصيات فيه، إلا أن هناك من يتحدث بصيغة فوقية فيقول (كفى أعمالاً دمشقية)، رغم أن هذه الأعمال التي تُصور هنا هي أكثر الأعمال السورية الدرامية انتشاراً عربياً وأكثرها عرضاً وتشغيلاً لشريحة واسعة من العاملين في هذه المهنة.
ـ ولكنك كنت في يوم من الأيام من أشد المعارضين للمسلسلات التي تدور ضمن إطار البيئة الشامية؟
كنت أقول دائماً إنني لن أقدم عملاً دمشقياً فلكلورياً استعراضياً محضاً، كما أنني لن أقدم عملاً دمشقياً لا يحمل فكراً أو رسالة أو موقفاً، وهذا الموقف قائم إلى الآن. وضمن هذا الإطار جاء اعتراضي على هذه الأعمال، ومنذ إنجازي أول عمل دمشقي قدمته وهو الجزء الأول من (طوق البنات) قلت هذا الكلام وأكدت أنني سأحاول أن أكون أقرب إلى الواقع وإن بخطوة، وفي كل عمل أقول إنني سأقترب خطوة أخرى، والمهمة صعبة، وقد تكون من المهام المُكلفة أحياناً على صعيد الفكر والمشروع، ولكني أعتبر أنه من الواجب محاولة تقديم دمشق كما تستحق أن تُقدم، وأسعى إلى تحقيق ذلك، مع أن السائد في الأعمال الدمشقية هو الاستعراض الفلكلوري البعيد عن الواقع.

 

التاريخ: الاثنين 13-5-2019
الرقم: 16976

آخر الأخبار
مسؤولان أوروبيان: سوريا تسير نحو مستقبل مشرق وتستحق الدعم الرئيس الشرع يكسر "الصور النمطية" ويعيد صياغة دور المرأة هولندا.. جدل سياسي حول عودة اللاجئين السوريين في ذكرى الرحيل .. "عبد الباسط الساروت" صوت الثورة وروحها الخالدة قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل خرقها اتفاق فصل القوات 1974 "رحمة بلا حدود " توزع لحوم الأضاحي على جرحى الثورة بدرعا خريطة طريق تركية  لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع سوريا قاصِرون خلف دخان الأراكيل.. كيف دمّر نظام الأسد جيلاً كاملاً ..؟ أطفال بلا أثر.. وول ستريت جورنال تكشف خيوط خطف الآلاف في سوريا الأضحية... شعيرة تعبّدية ورسالة تكافل اجتماعي العيد في سوريا... طقوس ثابتة في وجه التحديات زيادة حوادث السير يُحرك الجهات الأمنية.. دعوات للتشدد وتوعية مجتمعية شاملة مبادرة ترفيهية لرسم البسمة على وجوه نحو 2000 طفل يتيم ذكريات العيد الجميلة في ريف صافيتا تعرض عمال اتصالات طرطوس لحادث انزلاق التربة أثناء عملهم مكافحة زهرة النيل في حماة سوريا والسعودية نحو شراكة اقتصادية أوسع  بمرحلة إعادة الإعمار ماذا يعني" فتح حساب مراسلة "في قطر؟ أراجيح الطفولة.. بين شهقة أم وفقدان أب الشرع في لقاء مع طلاب الجامعات والثانوية: الشباب عماد الإعمار