على موائد إفطار رمضانية تتلون رغبات الصائم ، لتتجاوز حدود أمان ميزانية عائلية متواضعة ، في مجازفة غير محسوبة النتائج لترف عارض ، فللشهر الكريم طقوسه الروحانية من عبادة و صلة أرحام و تكافل اجتماعي ، و عاداته الغذائية التي تأبى أطباقنا أن تتخلى عن ألوانها ، أو أن تفرغ من نكهاتها الخاصة إحياء لذكريات خلت ، مازالت باقية في جو من الحنين لزمن خير كان يفترش موائدنا، ليجعلها عامرة بما لذّ و طاب ، و زاخرة بما يفيض بركة علينا و على من يجاورنا من قربى و جوار و ذوي حاجة .
بين أطباقنا الرمضانية من ماض و حاضر، تتم المقارنة في ظل غلاء سلع غذائية لم تشفع للصائم و رغباته ، بعد انقطاع طويل عن الطعام و افتقار لسعرات حرارية مفقودة ، و لم ترحم ذوي الدخل المحدود في موسم استثنائي يزداد فيه التواصل الاجتماعي ، و تزدهر الولائم لتقارب الأرحام و تقوية العلاقات تلبية لنداء ديني و واجب اجتماعي ، فإعداد وجبة رئيسية ذات لحم و دسم لعائلة صغيرة تكاد تلتهم ربع الراتب الشهري لتكون على الأصول، بينما المتاح من أطباق على مقاس الراتب ، لا تقارب ما كانت تحويه موائدنا الرمضانية من حيث النوع أو الكم ف « الجود بالموجود » بات شعار موائدنا التي خنقها الغلاء المزمن .
رغم الاختناق المادي الذي تعانيه أغلب الأسر ، ما زال لرمضان نكهة خاصة فتمارس طقوسه الروحية و الاجتماعية بتخطيط ذكي و تدبير ممنهج ، و ضمن حدود المتاح دون بذخ، و في دائرة واسعة من القناعة فلا تبذير و لا تفريط ، بينما البذخ سياسة يمارسها المتخمون مادياً ، و ما يفيض عن ولائمهم من فضلات تلقى في المهملات ، هي غصة في قلب محتاج ينتظر لفتة إحسان في شهر كريم هو موسم حافل للتعاضد و التكافل الاجتماعي .
منال السماك
التاريخ: الاثنين 13-5-2019
الرقم: 16976