التطورات المَيدانية الجارية في ريف مدينة حماة المُتداخل مع ريف إدلب، حيث تَجري على عدة مسارات، التسويات والمُصالحات من بينها، ولا تَقتصر على العمليات العسكرية لاجتثاث إرهابيي جبهة النصرة ومُشتقاته من مُرتزقة اللص أردوغان، كشفت هذه التطورات العديد من المواقف والأوراق السياسية، وتكشف يوماً بعد آخر عن المزيد من مُخططات الاستهداف المُعادية.
بين هَيجان فرنسا وقلق الغرب، اجتاح النفاق بقية الشركاء في رعاية الإرهاب ودعمه وتمويله وتسليحه وحمايته، إذ لم يَتوقف تسونامي النفاق عند مُستويات الدجل الذي أعلنته باريس أو لندن، بل مَرّ على جامعة الأعراب والنعاج فسجَّلت أمانتها العامة الحضور وأدت دورها وفروض الطاعة لإسرائيل وأميركا!.
نظامُ أردوغان كطرف أساسي مَعني أكثر من بقية مُكونات محور العدوان، رفعَ مُستوى الصراخ، أيضاً تأدية لما هو مُسند له من أدوار وظيفية، غير أن الأميركي يبقى بلا مُنازع في الصف الأول نفاقاً، إنكاراً، واستغراقاً بالوهم الذي لا يريد الخروج من مُستنقعه، وهو إذ يَفعل ذلك، فإنما يُعقِّد الأمر على نفسه ويُضاعف من صعوبة التحديات التي سيُواجهها في المُستقبل القريب جداً، نَتحدث ربما عن أسابيع وشهور قليلة لا عن سنوات.
جيمس جيفري الأميركي المُكلف بما يُسمى مَبعوثاً خاصاً لسورية، إما لوقاحة كُبرى يَمتلكها، وإما لقلة خبرة يَتميز بها، أخرجَ إلى العلن في تصريحاته الأخيرة ما كان يَمتنع زملاؤه العاملون في الخارجية عن إظهاره، ذلك أن ما قاله يُمثل دليل إثبات على أن بلاده كانت وما زالت مركز قيادة العدوان على سورية، وهي من يُحرك الإرهاببين، أو بالأحرى هي من لا تتحرك تنظيمات الإرهاب بأي اتجاه إلا بأمرها!.
جيفري لم يَكتفِ برسم الصورة على هذا النحو الذي يُجرم البيت الأبيض، بل قدّمَ حزمة من الأدلة على جرائم قانونية وجنائية ارتكبَها المسؤولون في البنتاغون والكونغرس والخارجية، ذلك عندما أكد أن السياسة الأميركية الحالية تتلخص بمواصلة الضغط على سورية وحلفائها لتحقيق كل الغايات والأهداف التي سعت لها منذ 2011 !.
العقوبات الاقتصادية التي تَفرضها واشنطن على سورية وحلفائها، حسب جيفري هي جزء أساسي من الضغوط، التي تُضاف لها – حسب تعبيره – الوجود العسكري في المناطق الشرقية، أي الاحتلال الأميركي في التنف ومحيطها الذي يُعد منصة للعدوان المباشر، فضلاً عن المهمة التي تقوم – قاعدة التنف – بها من ضبط وتوجيه حركة ما تَبقى من الدواعش كذراع أميركية، إلى جانب مهمة استخدام الميليشيات الانفصالية كذراع أخرى ما زالت تعمل وتُوظف في إطار مخططات العدوان.
الجزء الآخر من الضغوط التي أشار لها جيفري، اعترافه بأن بلاده مارست وتُمارس الضغوط والإملاءات على دول العالم لتَقطع علاقاتها مع سورية، إذ لم يُخف، بل أعلنَ أن وقفَ التطبيع العربي والغربي مع سورية سيستمر استخدامه كورقة ضغط ما لم تتحقق أهداف الحملة الأميركية العدوانية الإرهابية، فهل يَعكس ذلك إلا حالة أميركية تَستغرق بالوهم والإنكار؟.
علي نصر الله
التاريخ: الاثنين 13-5-2019
الرقم: 16976