الطريق عبر إدلب!

 

كانت الأسئلة تنهال في كل اتجاه أيام نقل المجموعات الإرهابية المسلحة إلى إدلب، والموافقة على تجميع الإرهابيين في منطقة محدودة المساحة على تماس مباشر مع المعتدي الأردوغاني، الذي تحول مع الوقت إلى ضامن غير ملتزم بضماناته في منصة آستنة، فهل كانت الرؤية صحيحة في هذا السلوك قبل عدة سنوات؟ وهل ثمة مخاوف اليوم أمام استعادة إدلب وتخليصها من الإرهاب عبر عملية عسكرية، تبدو تباشيرها واضحة الدلالات؟
تعددت الرؤى في إصرار سورية على تحديد وجهة الإرهابيين صوب إدلب، وتباينت التقديرات بشأن القدرة على التعامل مع تلك المجاميع الإرهابية في الفترات اللاحقة، فعلى حين رأى البعض صعوبة السيطرة عليهم والقضاء على وجودهم، رأى معظم المحللين والمتابعين أنها كانت من أذكى الخطط والإجراءات التي اتخذتها سورية لتجميع أكبر عدد من الإرهابيين في منطقة محددة، تمهيداً للعملية النهائية في القضاء على الإرهاب واستئصال جذوره من جميع الأراضي السورية، مع تجنيب المدنيين أكبر قدر من الخسائر في المناطق التي كانوا فيها قبل محاصرتهم في إدلب.
تبدو اليوم المعارك الدائرة في ريف حماة الشمالي مقدمة أولى للتقدم نحو إدلب، بعدما تراجعت كل الآمال باحتمالات التوصل إلى توافق يجنب محافظة إدلب ذاتها عواقب مواجهة عسكرية، يبدو أنه لا بد منها بعد سيطرة جبهة النصرة الإرهابية على معظم مساحة هذه المحافظة، وهو ما يمثل مرحلة خطيرة لأردوغان، الذي يغير شكل توظيف المجموعات الإرهابية من خلال إطلاقه يد هيئة تحرير الشام الإرهابية للسيطرة على مناطق وجود مجموعات مماثلة، كانت تعلن ارتباطها بتركيا وأجهزتها الاستخباراتية مباشرة، لتبدأ مرحلة شديدة التعقيد، لم تترك أي مجال لفرصة دولية كان يتم طرحها في أيام سابقة.
لقد أعطت سورية أكثر من فرصة لوساطات سياسية تبعد اللجوء إلى الخيار العسكري، لكنها فشلت أمام عدم التزام الضامن التركي دوماً، وهنا يرى البعض أن القوات المسلحة السورية أعطت تركيا فرصة كبيرة منذ منتصف تشرين الأول الماضي، عندما اتضح أن تركيا لم تنفذ شيئاً من اتفاق سوتشي بشأن منطقة خفض التصعيد في إدلب، القاضي بسحب الأسلحة الثقيلة من المجموعات المسلحة قبل منتصف تشرين الأول الماضي، وما تلاه من توسع سيطرة هيئة تحرير الشام على معظم أراضي المحافظة.
ويأتي اليوم الذي انتهت معه كل الاحتمالات الدبلوماسية والسياسية، ليبقى الخيار العسكري وحيداً في التعامل مع تلك المجموعات الإرهابية، الأمر الذي سيمهد الطريق لملاحقة فلول الإرهابيين في مناطق أخرى مثل ريف حلب الشمالي الغربي وريف اللاذقية الشمالي، وصولاً إلى المحافظات الشرقية في الجزيرة السورية، التي تنتظر مواجهات قد تتشابه أو تختلف عما سيحدث في إدلب.
وستكون معركة إدلب برهاناً جديداً على الحكمة والتروي المدروس الذي مارسته سورية في تنويع أشكال المواجهة مع الإرهابيين وفق ظروف الزمان والمكان، ولن يطول الزمن، لنرى الاعترافات بتلك الحقائق.

مصطفى المقداد
التاريخ: الاثنين 13-5-2019
الرقم: 16976

آخر الأخبار
الأمن السوري يلقي القبض على طيار متهم بجرائم حرب الوزير أبو قصرة يستقبل وفداً عسكرياً روسياً في إطار تنسيق دفاعي مشترك العراق يعلن تعزيز الحدود مع سوريا وإقامة "جدار كونكريتي" أستراليا تبدأ أولى خطواتها في "تعليق" العقوبات على سوريا بين إدارة الموارد المائية والري "الذكي".. ماذا عن "حصاد المياه" وتغيير المحاصيل؟ شراكة صناعية - نرويجية لتأهيل الشباب ودعم فرص العمل تطوير المناهج التربوية ضرورة نحو مستقبل تعليميٍّ مستدام لجنة التحقيق في أحداث الساحل تباشر عملها بمحاكمات علنية أمام الجمهور ٥٠ منشأة صناعية جديدة ستدخل طور الإنتاج قريباً في حمص الإعلام على رأس أولويات لقاء الوزير مصطفى والسفير القضاة وزير الإدارة المحلية والبيئة يوجه بإعادة دراسة تعرفة خطوط النقل الداخلي سجن سري في حمص يعكس حجم الإجرام في عهد الأسد المخلوع ميشيل أوباما: الأميركيون ليسوا مستعدين لأن تحكمهم امرأة لجنة السويداء تكسر الصمت: التحقيقات كانت حيادية دون ضغوط الضرب بيد من حديد.. "داعش" القوى المزعزعة للاستقرار السوري من الفيتو إلى الإعمار.. كيف تغيّرت مقاربة الصين تجاه دمشق؟ انفتاح على الشرق.. ماذا تعني أول زيارة رس... تفعيل المخابر والمكتبات المدرسية.. ركيزة لتعليم عصري 2.5 مليار يورو لدعم سوريا.. أوروبا تتحرك في أول مؤتمر داخل دمشق مغترب يستثمر 15 مليون دولار لتأهيل جيل جديد من الفنيين بعد زيارة الشيباني.. ماذا يعني انفتاح بريطانيا الكامل على سوريا؟