انطلاقاً من زيارة مايك بومبيو المُفاجئة إلى بغداد – الأسبوع الماضي – التي قادته كرأس للدبلوماسية الأميركية إلى محطات أخرى، من بعد اللقاءات مع الأوروبيين، يحط في سوتشي ليلتقي للمرة الثانية بوقت قصير وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، يمكن تلمس الكثير مما يعكس حال الولايات المتحدة من أنها إما تتخبط أو تحاول استكشاف الأجواء التي تسمح أو لا تسمح بنوبة جنون مختلفة بمستواها، وربما بمآلاتها!.
خلطٌ خطير للأوراق ذاك الذي يجري، أم تقدمٌ مُتسارع نحو التفجير الذي يبحث عنه نتنياهو – ترامب؟ هو السؤال المَطروح بإلحاح اليوم من بين حزمة أسئلة لا تقل خطورة، يَتداولها الساسة كما المُراقبون، في المنطقة والعالم على السواء، ذلك أنّ ما تقوم به إدارة دونالد ترامب لا يُهدد الشرق الأوسط فقط، بل العالم.
خطةٌ لإرسال 120 ألف جندي للشرق الأوسط، إرسالُ المزيد من القطع العسكرية البحرية إلى الخليج والمُتوسط، فرضُ رسوم إضافية على المُنتجات الصينية وتهديدُ بكين بالأسوأ في حال الرد، والاستمرارُ بتصعيد الإجراءات العدوانية على المحاور والجبهات المفتوحة، مع فنزويلا، في سورية، مع إيران، في أوكرانيا وكوريا، فهل ذلك إلا انتقالٌ بين عتبتي جنون لا تعرف إدارة ترامب معهما أين تستقر، وما المَخاطر؟.
ارتكابُ القوات الأميركية المحتلة المزيد من الجرائم بحق أهلنا من أبناء المنطقة الشرقية، بيدها الآثمة أم بيد ميليشياتها الانفصالية، صحيحٌ أنها حلقة في سلسلة العدوان الأميركي، إلا أن الصحيح أيضاً أن حركة الاحتجاجات الشعبية ضد الاحتلال والميليشيات الإرهابية الانفصالية باتت مُؤهلة لتقطيع السلسلة مرة واحدة وإلى الأبد، وإن المُصافحة الجارية بين هذه الميليشيات ونظام اللص أردوغان التي ترعاها واشنطن، لَأَحد أهم العوامل الكاشفة لأزمات أطراف العدوان الذي سيزول قريباً جداً.
محاولةُ تزوير الوضع في مدينة إدلب لتوفير الحماية للمُرتزقة الإرهابيين، تَلتقي مع سخافة توجيه الاتهامات لروسيا، وتَكاد تتطابق مع محاولة شيطنة إيران، ولذلك فإن حصيلة لقاءات بومبيو في سوتشي لن تكون أفضل من الحصيلة الصفرية التي انتهت إليها لقاءاته مع الجانب الأوروبي لتغيير مواقفه إن لجهة النووي الإيراني، أم لناحية الحرب التجارية المُعلنة، ذلك له أهميته قُبيل قمة العشرين المقرر عقدها في أوساكا!.
بين عَتبتي الجنون تتحرك إدارة ترامب، وهي تجهل ربما أن أي خطوة تخطوها تأسيساً على حماقات سابقة إنما ستَجعلها تدفع من الأثمان الباهظة ما لم يَخطر لها يوماً، ولعل الكشف عن تفاصيل ما جرى قبالة ميناء الفجيرة، سيَكشف لاحقاً مَقادير الشر الأميركي – الإسرائيلي الذي سيَرتد عليهما.
كتب علي نصر الله
التاريخ: الأربعاء 15-5-2019
الرقم: 16978