في قراءة أولية للأرقام التي صدرت عن اتحاد غرف التجارة حول مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي والتي من الممكن أن تصل إلى 70% في الفترة التي ستلي الأزمة إشارة واضحة على عزم ونية هذا القطاع -ضمن إمكانياته الذاتية- في المساهمة في إعادة الإعمار التي يبدو أن 40% من تكلفتها ستكون على عاتقه.
قد يقول أحدهم إن تلك الأرقام مجرد كلام وتسويق إعلامي لإعطاء هذا القطاع المزيد من العطايا والهبات والميزات الإضافية وأن واقع الحال يقول عكس ذلك خاصة بعد الانتقادات العديدة التي طالته كونه لم يلعب الدور المنوط به بعد كل الامتيازات التي حصل عليها قبل الحرب وخلالها لدرجة إطلاق تسمية البعض له بالطفيلي الذي اعتاش على نظيره العام، لكن دعونا ننظر إلى الجانب المشرق لهذا القطاع والذي استطاع في بعض الأحيان أن يأخذ دوراً إيجابياً وتحمل بعض المسؤوليات الوطنية.
ومن هنا لا بد أن يلعب القطاع الخاص دوراً رئيسياً في عملية التنمية الاقتصادية التي تعتبر حاجة مُلحّة في بناء اقتصاد سورية ما بعد الحرب والذي تضرر بشكل كبير جراء الحرب، لكن ذلك يتطلب وضع استراتيجية مثلى لتطويره وتوضيح الدور الذي يجب أن يلعبه حتى يستطيع أن يمارس دوره التقليدي في تسريع عملية التنمية المحلية مع تفهم التحديات والعوامل المؤثرة عليه والتي تجعله يُحجم عن أداء مهامه.
إذا بات قطاع الأعمال بكل مكوناته وتنظيماته على محك توحيد بوصلته باتجاه ما يواجه الاقتصاد السوري من أزمة اقتصادية نتيجة العقوبات الجائرة، لذلك لا بد أن يكون شريكاً استراتيجياً في العملية التنموية، وهذا يحتم عليه بالضرورة دراسة هذه الأمور دراسة وافية وإجراء تغييرات جذرية على كثير من المسائل الاقتصادية والتحرك أكثر وبسرعة أكبر لحماية المنتجات الوطنية ولا سيما في ظل ظهور تحديات جديدة لم تكن مألوفة بعضها مرتبط بالأزمة وتداعياتها.
باختصار المطلوب تحديد للأدوار ما بين القطاع العام والخاص وفق برنامج زمني يبنى على عقد جديد بآلية التعاطي خاصة أن مرحلة إعادة الإعمار تتطلب شراكة حقيقية بعيداً عن المحسوبيات وإثبات أن القطاع الخاص الوطني قادر على أن يدخل على خط إعادة الإعمار بعيداً عن الانزلاق بمتاهات مصالحه الضيقة، فالوطن للجميع ويحتاج لتكافل جميع القطاعات لتجاوز مفرزات الحرب الاقتصادية والنهوض بسورية نحو الأفضل.
ميساء العلي
التاريخ: الأربعاء 15-5-2019
الرقم: 16978