للحظات قد تخوننا ذاكرتنا بنسيان يلحق بنا الحرج من احد معارفنا وقد نقع في ورطة لنسيان كلمة السر الخاصة ببريدنا الالكتروني أو جوالنا ،ولا يجدي الإلحاح والضغط على الذاكرة لاسترجاع أي معلومة تفيدنا في معرفة موضع لأوراق شخصية أو ثبوتية أو وثائق حرصنا على تخبئتها في مكان ما ،ولا تستجيب لأوامرنا إلا بعد تحلينا بالصبر والهدوء وتركها وشأنها لنتذكر فجأة ما نريده .
بعض الأمهات تلجأ إلى صغارها لحل هذه المشكلة فالصغير لاينسى (العلم في الصغر كالنقش على الحجر )وغالبا ما يسعفونها بالتذكر لموضع أشياء احتفظت بها في زاوية في البيت ونست،وبينما هذه المشكلة ظاهرة مرضية وتشكل معاناة حقيقية وداء عند البعض هي ضرورة صحية ودواء في حالات معينة .
تدريب الذاكرة وتنشيطها ..
يؤكد الأستاذ محمود العلي ،معاون مدير الصحة النفسية ومن باب الاطمئنان أن هذه النسيان شيء عادي وهو وسيلة لتفريغ الذاكرة من كم معين من المعلومات حتى نتمكن من استقبال معلومات أخرى وهي حالة عادية عند الناس ولكن بدرجات متفاوتة تؤثر إيجابا على وظيفة الذاكرة وعلى حياة الإنسان حيث يخلص الذاكرة من الأشياء غير المفيدة وقد يتطور النسيان ليصبح ظاهرة مرضية يعرقل وظيفة الذاكرة ويؤثر على انجاز الفرد..فمن نسيان خفيف لبعض الأسماء والأماكن والأحداث القريبة والعناوين والمرافق الحياتية المحيطة وهذا ما يصيب المسنين ،ولابد من حصر المواقع التي يخبئ فيها المسن أغراضه ومساعدته على التذكر وحمايته من التوهان والضياع ومحادثته باستمرار من باب التذكير وتدريب الذاكرة وتنشيطها ،ومن درجات النسيان ،هناك المتزايد بسبب مرض الزهايمر والنسيان الشامل في حالات نوبات الصرع ،وهناك النسيان الجوعي بسبب المخدرات .
من الجدير ذكره أن بعض المسنين يجدون متعة وأنس في استعادة ذكريات الطفولة وسني ما قبل الزواج وأحيانا الطفولة المبكرة و رعاية الوالدين لهم ويمسكون بفترات حياتهم السابقة ويستدعون ذكريات قديمة باستمرار ويكررونها وهذا التذكر لأحداث بعيدة يسعد المسن ويريحه ويجعله يعيش في عالم يهرب إليه حيث كان فيه سعيداً مطمئنا ًوعلينا الصبر على استمرار المسن في الحديث واجترار هذه الذكريات .
النسيان ضروري ..ونعمة حياتية
ننام لننسى ..أو ننسى لننام ويبرز هنا النسيان نعمة وضرورة حياتية من أجل صحة نفسية وجسدية وعن آلية حدوث هذا النسيان يقول الأستاذ محمود العلي بمرور الوقت ننسى بعض الذكريات المؤلمة التي كلما حاولنا استعادتها تملكنا إحساس الألم والإحباط ونعيش الحدث المؤلم في نفس اللحظة (إعادة تذكر الحدث الصادم )وهذا النسيان مفتعل يقوم الشخص بتناس للأحداث المؤلمة وأما النسيان المشكلة فهو ما يحدث للطالب في بداية الامتحان وهي مشكلة واقعية تحدث باستمرار وقد عانى منها العديد حتى المتفوقين مما يجعل البعض يلملم أوراقه ويخرج باكراً أو يتململ ويتحسر على ضياع فرصة في تقديم الامتحان .
وينصح الأستاذ محمود العلي طلبتنا لتفادي حدوث مثل هذه المشكلة بالقدر الكافي من النوم ليلا والابتعاد عن القلق الزائد الذي يسد خزائن الذاكرة وعدم تناول المسكنات باستمرار أثناء المراجعة للامتحان والانشغال الفوضوي بشبكات التواصل الاجتماعي يشتت الانتباه .
ويتحمل الأهل جزءا من المسؤولية عن القلق والخوف من الامتحان لأنهم يحيطون أبناءهم بالعناية الزائدة المرضية والرعاية المبالغة فيها لتحقيق توقعاتهم وأحلامهم التي قد تفوق القدرات الذاتية للطالب وتفقده ثقته بنفسه وفي حال إحساسه بالفشل وعدم القدرة على الحصول على مجموع يكسب العائلة الرهان لطموح يحلق بالسماء ،قد يصل به الأمر إلى الانتحار .
ينصح العديد من علماء النفس الطلاب بعدم إجهاد الدماغ وحشوه بالمعلومات في الدقائق القليلة التي تسبق الامتحان لأن قلق الطالب في اللحظات الأخيرة يحرمه الاستفادة من هذه المراجعة السريعة التي يريد استيعابها وستكون مشوشة إلى درجة كبيرة ما يجعل الذاكرة غير مستعدة لتسجيلها أو استعادتها عند الطلب .
ر.س
التاريخ: الأربعاء 12-6-2019
رقم العدد : 16998